لفترة طويلة كنت ألقي باللوم على تويتر وأخباره في بث النكد والسلبية. فما ان افتح التطبيق تتوالى علي تغريدات الشكوى والتذمر بطريقة تخنقك وتفقدك الأمل بأي إصلاح قادم. فهناك من يشتكي من الحكومة والمجلس ،وهناك من ينحب الحال ويستذكر أمجاد الماضي ،وهناك من هو مشغول بالصراعات بين النواب ،وهناك من يتذمر من كل شيء وعلى كل شيء. في الحقيقة أدركت أن العلة ليست في تويتر، ولكن في ثقافتنا الكويتية التي أصبح النكد جزءا لا يتجزأ منها. من الملام؟ هل هي الحكومة التي أغلب قرارتها سيئة ولا تخدم البلد؟ أم هل اللوم يقع على عاتق شعب اعتاد على السلبية ولا يرى أي شيء إيجابي حوله؟ هذا الموضوع يحتاج تفصيلا بمقال آخر.
ولكن الذي استوعبته بأني مخطئ وبأن التجربة الكويتية لا يجب تعميمها على تويتر. فعلى سبيل المثال في التحديث الأخير على تويتر ستجد أن تويتر يظهر لك الكثير من المواضيع مثل: الفن والثقافة والتاريخ والتصوير وغيرها ،وقد يكون السبب من هذا التحديث تشجيع المستخدمين على استكشاف اهتمامات أكثر، وبالتأكيد قضاء وقت أكبر على البرنامج. ما أود ايصاله أن تويتر عالم كبير ويحمل في طياته الكثير، والتبحر في العلوم والفنون والثقافة بالفعل ينقلك لعالم آخر ،وكل ذلك يحدث في نفس التطبيق. ولذلك أدركت أن العلة تكمن في الانغماس بواقع كويتي كئيب ونكدي وليس في تويتر.
أشجع كل شخص يشعر بالخيبة والإحباط أن يقلل من متابعة النكد وأهله قدر المستطاع ،ويحاول أن ينوع بمتابعاته باختيار مواضيع هادفة وإيجابية بدل الانغماس بعالم النكد الذي سيتركك حانقا وتشعر بطاقة سلبية وغضب شديدين ،دون أن يكون بمقدورك أن تغير أي شيء. نعم لقد ابتلينا بحكومة لا ترغب بإيجاد حلول لمشاكلنا، ونعم ابتلينا بعقلية تقليدية لا تفقه أبسط أبجديات الحداثة والتطوير، ونعم ابتلينا بفكر رجعي صحوي يرتعب من الأصنام والنوادي والأشجار، ولكن ماذا عسانا أن نفعل؟ نستهلك كل طاقتنا وحياتنا على هذا الواقع البائس؟ بالتأكيد لا.
هل هذه دعوة للاستسلام؟ من يعرفني ويتابع كتاباتي يعلم بأني محارب حتى النفس الأخير، بل ودفعت ثمنا لعدم رضوخي لعبدة النصوص، ولكن الفكرة تكمن في الاستمتاع بحياتك كذلك. لأن من غير الصحي أن تستهلك كل طاقتك بهذه المشاحنات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. الحياة أكبر وأعمق وأجمل من أن نحصرها بمشاكلنا الداخلية ،والتي قد تتسبب بغشاوة تمنعنا من رؤية أي جميل بحياتنا. ومع احترامنا للجميع، ولكن لا مرزوق ولا عبيد ولا المطير أهم من راحتنا واستقرارنا النفسي. ولأننا نرغب بالابتسام فعلا سننأى بأنفسنا عن نكدكم وصراعاتكم إلى أن تتحسن أحوال الناس والعباد.