المقالات

أين سترسو سفينتك؟

هذه ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن هذا الموضوع، ولكنني أشعر بأنه من الأهمية التي تجعلني أجعله أولوية. الواقع الكويتي سيء بشكل لا يمكن وصفه، وقضاء كل وقتك بمتابعته يعني تقييد تقدمك في ما يخص تطورك الفكري والثقافي والمعرفي. من يضع كل بيضاته بسلة واحدة يخاطر بخسارة كل شيء في حالة لم تصل هذه السلة إلى بر الأمان. هل هذه دعوة للاستسلام اذا؟ بالتأكيد لا. ولكنها دعوة لمراجعة الأولويات قبل فوات الأوان.
كم من الوقت والسنوات ترغب في أن تضيع داخل هذه الدوامة غير المنتهية؟ فهناك من أضاع بضع سنوات، وهناك من أضاع عقودا، وهناك من أضاع كل حياته. اختر أي الأشخاص ترغب في أن تكون. بحكم طبيعة مجتمعنا فالكل يتكلم سياسة، وما أكثر التغريدات والمساحات الصوتية التي تتحدث بالشأن السياسي الكويتي دون توقف او انقطاع. ولذلك لا أجد أي انجاز في الحديث بهذا الشأن بحكم ان الجميع باستطاعته الحديث والتعليق عليه. وبالمقابل لا اجد أي ضرر بمتابعة الشأن العام ومعرفة آخر الأخبار. ولكن الخطورة تكمن بالهوس والانشغال بالشأن العام بحيث لا يصبح عندك وقت للقيام بأي شيء آخر بحياتك. فعلى سبيل المثال، اكمال تعليمك أو الانشغال بعملك البحثي أو البدء بمشروع تجاري أو حتى قضاء وقت لتطوير امكاناتك وقدراتك وثقافتك جميعها أمور تحتاج إلى وقت وتفرغ. فهل متابعة تيار طالبان أو سراق المال العام أو سفهاء المجتمع أكثر أهمية من العمل على تنمية ذاتك؟ سأترك التقييم لك.
قطار الوقت يمضي دون أن يأبه بمشاعرك وطموحاتك وأحلامك. فكم من الأحلام ضاعت وانتهت لأنها لم تنجز بفترة زمنية محددة؟ وكم من الأحلام كذلك ستمضي وتضيع لأنها لم تجد من يخصص لها الوقت الكاف للعمل عليها؟ والمختصر المفيد هو أنك أنت من يختار أين سترسو سفينتك. والقرار الذي تتخذه اليوم ستحصد نتائجه بالغد، سواء كان ذلك بالسلب او الايجاب. وقبل أن أختم، أود أن اسألك سؤالا بسيطا: ما مدى التغيير الذي طرأ على السياسة الكويتية منذ أول يوم تابعتها وحتى يومنا هذا؟ وهل أنت على استعداد للتضحية بما تبقى من العمر من أجلها؟ فكر جيدا قبل أن يأتي اليوم الذي تتحسر فيه وتندب فيه حظك وضياع حياتك بسبب هذه السياسة التي غالبا لم تقدم لك سوى القهر والحسرة على واقع لن يتغير إلا بإرادة من صاحب القرار.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى