الكثير منا شاهد ردة الفعل الشعبية والاحتفالات التي صاحبت حل البرلمان بعد الاعتصام الشعبي والنيابي. هذا البرلمان الذي فقد قيمته عند أغلب الكويتيين لانحرافه عن جادة الصواب وابتعاده عن التمثيل الشعبي بسبب الدور السيء الذي لعبه رئيس مجلسه، والذي حول المجلس إلى ساحة للصراعات والخصومات الشخصية على حساب اقرار القوانين التي تفيد البلاد والعباد. الكويت عاشت أزمة عميقة خلال فترة تولي هذا الشخص للمجلس، وكان الاحتقان الشعبي من أغلب مكونات الشعب بسبب سوء السياسة والادارة غير المسبوقين للمؤسسة التشريعية
ولكن كذلك علينا أن لا نغفل بأن نفس النواب الذين رفعوا لواء الاصلاح هم أنفسهم من صوتوا لعودة هذا الرئيس المرفوض شعبيا. ولذلك علينا أن نتذكر جيدا بأن بعض ممن يدعون الاصلاح هم أول من ينقلبون على أعقابهم في سبيل شهوة المال والنفوذ ضاربين بعرض الحائط كل الشعارات التي رفعوها بحملاتهم الانتخابية.
الأزمة في الكويت، في ظاهرها قد تكون أزمة رئاسة ولكن في باطنها هي أزمة فساد ضربت بجذورها كافة فئات المجتمع. وطالما استمرت هذه الأزمة الباطنية، فلن نصل للتغيير المنشود. وما سيحدث هو تغيير في الوجوه ولكن استمرار لكل السياسات الفاسدة نفسها. على سبيل المثال، في الكويت عندنا أزمة حقيقية متعلقة في الحريات. فهناك تيار منغلق وقمعي ويستمد شرعيته من المجاميع الشعبية التي تؤيده على حساب التدخل في حريات الأفراد ومعتقداتهم الشخصية. والتناقض الصارخ في ما يحدث، أن نفس المجاميع التي تؤيد التيار المتشدد تدعو لمزيد من الحريات على الرغم من أنها السبب بمصادرتها .
كذلك من مظاهر الفساد الجلي تدخل الواسطة والمحسوبية في كل شيء. وبالطبع التهاون في تطبيق القانون وعدم محاسبة أصحاب الشهادات الدكانية بل وتقديم المناصب لهم جعل الكثيرين يفضلون الحصول على اي شهادة ومن ثم يعتمد على سياسي ليحسن أوضاعه المعيشية. ما أود ايصاله هو أن الفرحة لم تكتمل، بل هي منقوصة. فالمشوار أمامنا طويل، والاصلاح ليس مجرد شعار نحمله بل هو ممارسة تعكس مدى ايماننا بهذا الشعار. الآن وقد رحل الرئيسان، هل ستغير من طريقتك في انتخاب المرشحين؟ هل ستدعم أبناء الطائفة والقبيلة حتى لو كانت تحوم حولهم الشبهات؟ هل ستتصرف بطريقة مختلفة عما سبق لتحصل على نتيجة مختلفة؟ أنت أكثر من يعرف نفسك وبناء على جوابك ستحصد النتائج. فأما اصلاحات قادمة واما التوهان بنفس الدوامة ولكن هذه المرة برئيسين مختلفين.