اجبرتنا الظروف على الرحيل من الوطن والابتعاد عنه ونترك كل مابنينا الا العمل من اجل قضيتنا، ولكن هذا البعد لن ينسينا تراب الوطن وأشخاصا عرفناهم وتعلقنا بهم، وأماكن واوقات قضيناها وهي محفورة بداخلنا وقلوبنا، ولا تزال الاحواز وترابها معلقّة بنا وبمن نحب ونعشق من الاحباب والاصحاب، فتبقى الذكريات مرسومة نتذكّرها مع كل هبّة نسيم في الصباح تذكرنا بالماضي، نعم وانا اكفكف دموعي من تلك الذكريات وتلك الايام ومراسيم الوداع، الذين نحبهم لا نودعهم لأننا في الحقيقة لا نفارقهم، لقد خُلق الوداع للموت وليس للأحبة ،عندما تتطلع إلى المكان الذي أنت فيه فتراه ليس هو مكانك، وعندما تنظر للأرض التي تقف عليها فتراها تهتز من تحتك فليست هي بالثابتة والقوية التي اعتدنا عليها، فهوّن على نفسك وارحل بلا ضجيج من افكار لا تطاق وقد تضطرنا الظروف للإستسلام لهم، والرحيل بصمت وهدوء وبدون عودة، قد نتألم وننجرح في كل يوم ولكننا نوقن أن ما نقوم به هو الصواب والعمل المنشود، وأنه على الرغم من صعوبة الموقف إلا أن هذا سيزيدنا قوة وإستمرارا في قضيتنا العادلة، واوصي اولادي من بعدي ان يتمسكوا بالمبادي والقيم أتجاه الشعب العربي الاحوازي بما يملكون،
أعلم أنني سوف أرحل عن هذا العالم يوما ما ولكن هذي وصيتي ليس لاولادي فحسب انما لكل من يقرأ هذي الرسالة، وتكون رحلة الحياة لها نهاية كما لها بداية محملة بالشقاء، لقدرأيت ابتلاءات وأوجاع ومعاناة وصعوبة الفراق والغربة في حياتي وحياة المقربين مني غيرهم تمنيت لهم النجاح ولمن يخدم القضية، ولا أن أجد نظرة البؤس في عيون من أحب وهم يعيشون بقلوب منفطرة منتظرين موعد الحياة،
كلنا نعلم أن الحياة الدنيا مرحلة وسوف تنتهي ومنا من يرضي بقضاء الله وقدره ومنا من يعترض، ولكن يظل ألم الفراق محفورا في القلوب مهما مرت الأيام وليس اعتراضاً علي القدر وإنما حزنا لفقد من نحبهم وعشنا سنوات من الشقاء والألم ، ولن أنساهم يوماً عايشين معي رغم البعد سنوات عنهم، ولا تزال الذكريات تحاصرني ،تلك الساحات والنخيل والانهر التي كنا نمشي فيها، والأطعمة المفضلة لدي وهي سمك الحف ،ذكريات محفورة لم تفارقني يوما.