مرت البلاد بين فترتين زمنيتين متناقضتين في القيم والمبادئ ، فعندما نلقي الزوم على الكويت في فترة الثمانينات والتسعينات كانت البساطة والقناعة ثقافة الشعب وكانت أخلاق الطالب والموظف والوزير والنائب محل التقدير والدعم ، كان الإعلام الكويتي عاملا رئيسيا في تربية النشء وكان الفن والمسرح بهجة لجماهيره ، كانوا العلماء والمعلمون الشخصيات المؤثرة على المواطن ،وكانت الصحافة تمثل السلطة الرابعة في البلاد ، كانت الرحمة والإنسانية قيما راسخة في إدارة مؤسسات الدولة الاجتماعية والخيرية ،وكانت العدالة في صرف الدعوم ورواتب موظفي الدولة سائدة بما يحقق تكافؤ الفرص الوظيفية ،وكان الجمال عشق العيون ،وكان سوق العقار يتناسب مع جيب المواطن ،وكانت الحشمة والحياء والوقار منهج الجميع . مر الزمن وبدأت الكويت في التوجه نحو مرحلة انتقالية جديدة في القيم والمبادئ والتي فصلتها الفترة الزمنية الواقعة بين الأعوام 2000 و2006 ، وبدأ الغلاء المعيشي يرهق جيب المواطن ،وبدأت العنصرية تتغلغل في المجتمع ،وبدأ الانحراف الاجتماعي يطفو على السطح، وتفاجأنا بتكريم الدولة لمغنية عربية من خارج الوطن جسدت عولمة الإغراء ،وتفشت ظاهرة تهديد واضراب النقابات ،وتمت مخالفة الدستور في حرية التعبير عن الرأي وفي تكافؤ الفرص الوظيفية وفي أمر ثالث لن أذكره ،وانقسم موظفو الدولة إلى طبقتين ،وتكدست قضايا الطلاق في محكمة الأسرة ،وأصبحت المظاهر هدفا يسعى إليه الأغلبية، والمحسوبية واسطة في توزيع المكتسبات ،وارتفع معدل قلة تقدير الذات في المجتمع، وغزت الدولة ثقافات دينية حاربت الإسلام وساهمت في إلحاد الشباب ،وطغت التفاهة والإسفاف على المسرحيات والمسلسلات ،وأصبحت العيون متعطشة « للهبرة البيضة « بدلا من الجمال ،وخلع الكثيرون ثوب الحياء والوقار، وتعاقبت حكومات ومجالس أمة تسببت في خلق الفساد الإداري في البلاد ،وأصبح الكثيرون يلهثون وراء تقليد ومتابعة المشاهير ،ووصلنا في زمن أصبح التافهون هم النجوم والمؤثرين ويستحقون الدعم والتكريم ،وارتفع الحقد والحسد في المجتمع وأصبح المال يستعبد الإنسان ،وارتفعت نسبة قضايا سرقات ثروات الشعب وارتفع سلوك الإقصاء أو الاضطهاد من أصحاب السلطات الوظيفية .لا حول ولا قوة إلا بالله ، عشرون عاما من التراجع الأخلاقي المتدرج في قيم المجتمع ، إلى أن توقفت ساعة الزمن للعام 2022 مترقبة الوطن عند مفترق الطرق ، ترى أي طريق سيسلكه الوطن؟ التاريخ سيسرد لنا قصة ما سيحدث للكويت من عند هذا الزمن ، نترقب!