المقالات

معارضة أم تعارض مصالح؟

المعارضة أمر طبيعي، فالأسرة الواحدة تجد بها المعارض والموافق، ولكن هناك معارضة بقدر ماتحمل هذه الكلمة من معنى وهناك في المقابل تعارض مصالح، وشتان بين الأولى والثانية.
وإذا اختلط هذا بذاك، انحرفت المعارضة عن مسارها الطبيعي، وأصبحت معارضة بالاسم فقط، إن المعارضة وتعارض المصالح لايجتمعان في طريق واحد بأي حال من الاحوال، واليوم لو كان للمعارضة الحقيقية لسان ناطق لقالت بلا تردد:
كنا وكنتم والزمان مساعد
عجبا لهذا الشمل كيف تشتتا
ولاشك أن الكويت ومنذ نشأتها تميزت بالشورى وتبادل الرأي، وقد عاش الناس على ذلك ردحا من الزمن في أمن وأمان حتى جاء النشاط الديموقراطي المتميز بعد صدور الدستور في عام 1962 من خلال مجلس الأمة، والديموقراطية عندنا ليست وليدة هذا التاريخ ،فقد رأى النور أول مجلس تشريعي عام 1921 فنحن في الكويت بحمد الله وفضله لدينا سقف عال من الحرية، ولكن هل لدينا اليوم معارضة بالمفهوم السائد والمتعارف عليه عند خبراء السياسة؟ وهذا سؤال وجيه يطرح نفسه بين الفينة والأخرى، وتختلف الآراء في الإجابة عن هذا السؤال، ونحن بدورنا نحترم كل الآراء ولنا رأي في ذلك نتمنى أن يحترم، وبما أن الحديث في هذا الموضوع ذو شجون فسأبدأ بتوضيح معنى المعارضة،إن المعارضة كمعنى عام تعني مجموعة من الأفراد تعارض الحكومة في الإطار الشرعي، وتختلف درجة المعارضة من بلد إلى آخر، وفي كل بلد لابد من وجود معارضة تضع أمام الناس برنامجا واضحا يحمل بنودا تصب في مصلحة الوطن والمواطن، وبالنسبة لنا في الكويت فالمعارضة كانت وبانت، لقد كانت اسما وجسما وأصبحت اليوم رسما، فلايوجد لدينا في الكويت معارضة وإنما لدينا تعارض مصالح لاأكثر ولا اقل، وبسبب هذا التعارض يحدث الشد والجذب والاختلاف، ولو عدنا إلى الوراء قليلا وبالتحديد في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي لوجدنا أنه كان لدينا في الكويت معارضة حقيقية لها وجودها وفاعليتها وتأثيرها على القرار السياسي، يقودها النائب المخضرم الدكتور أحمد الخطيب رحمه الله، وثلة من زملائه رواد الديموقراطية، وهي حقيقة معارضة ثقيلة، تنظر الى مصالح الكويت بعين عاقلة بصيرة، ولاتنحرف عن مسارها مهما كلف الأمر، وتسير بخط ثابت وواضح، ولاتغير مبدأها، حيث كانت الكويت بالنسبة لها البداية والنهاية ولم تسع في يوم من الأيام إلى التفرد بالرأي والفجور في الخصومة، أو السعي لمصالحها على الإطلاق، بل كانت تثني على العمل الصحيح وتباركه، وتنتقد العمل الذي ترى فيه خطأ، إن المعارضة الحقيقية ياسادة هي التي تسعى إلى المصلحة الوطنية وتعمل جادة وجاهدة من اجل الإصلاح، وتتبنى القضايا التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن، وتطرح الحلول الناجعة لأهم القضايا التي يعاني منها البلد، فالمعارضة أساسا تمثل الوجه الآخر للسلطة لأنها حوار وبرنامج ومنهج واسلوب في التعامل، يقوم على رعاية مصالح الوطن، وفي حال غياب الحوار العقلاني فلا يكون هناك معارضة ،ودمتم سالمين.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى