المقالات

طلاق بائن

لم تخذل الولايات المتحدة او الدولة العميقة التي تحكم العالم وتذل حتى الصورة الأميركية أحيانا وبدون رحمة وهي صورة مهتزة أصلا ، لم تخذل العرب وحدهم كلهم بدون استثناء وانما خذلت وخانت وعبثت بأمن العالم وبمصالح وأمن اقرب شركائها وحلفائها ،وخانت حتى نفسها كما فعلت في أفغانستان مؤخرا . والحقيقة ان التجربة الأميركية مريرة ومعيبة ومخزية على الرغم من الواقع الصناعي والعلمي والتجاري غير المسبوق في تاريخ البشرية الذي حققته ابتداء بعالم السيارات والغواصات والمراكب والطائرات وآفاق الفضاء وصناعة الدواء والتفوق الزراعي والمصرفي ،وفي استغواء العالم بالسينما والتلفزيزن والاعلام العابر للقارات صحافة وتلفزيون وفي كل أدوات القوة من قاذفات وصواريخ واسلحة دمار شامل لا تقتصر على القنابل والرؤوس النووية والصوتية والفراغية . لم تكن اميركا بهذه الإمكانات التي سهلت لها حكم العالم مناصفة مع الاتحاد السوفييتي قرابة نصف قرن «1948- 1990» وبشكل مطلق من بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحتى الان. كانت دولة رعاة بقر الا ان تميزها الجغرافي وطبيعتها الزراعية والمناخية شجع الاسر اليهودية التي تتحكم برأس المال في العالم على الانتقال الى نيويورك خاصة بعد اشتداد كره العالم لمكر وجشع ودناءة كبار المرابين اليهود الذين حاربتهم وطردتهم بريطانيا من أراضيها مدة مئتي عام قبل ان يتراجع احد ملوكها ويسمح لهم بالعودة مجددا ،ومنها بنوا وجودهم في المانيا والنمسا وحاولوا العبث الا أن ادولف هتلر تصدى لهم وحاربهم في محاولة للحفاظ على بلاده الا ان ذلك تسبب باندلاع الحرب العالمية الثانية«1939-1945» التي ابادت مالايقل عن 60 مليون جندي ومدني واضرت بنحو نصف مليار انسان ،وخلفت مآس لم تعالج حتى الان وفرضت امرا واقعا جديدا أخل بموازين الاخلاق والمبادئ والاعراف والقيمم . وفتحت الظروف المأساوية في أوروبا والعالم التي سببتها الحرب الكارثية كل الأبواب امام الحكومات الأميركية التي حكمت العالم الا انها نفسها كانت محكومة من قبل اليهود، لاحتلال دول كبرى مثل المانيا واليابان ونشر قواعد لها في دول مثل بريطانيا كانت تحكم وتستعمر اميركا وأجزاء واسعة من العالم مثل الهند و 52 دولة أخرى هي دول الكومنولث الحالي ، وسرقة النفط والغاز وبقية المعادن ،وان تخضع القرار السياسي العالمي لارادتها من خلال الأمم المتحدة والتجارة العالمية من خلال منظمة التجارة العالمية وجيوش العالم من خلال البنتاغون وأجهزة الامن في العالم من وكالة المخابرات المركزية ومصارف وبنوك العالم ومصالح الأثرياء من خلال المجلس الفيدرالي الأميركي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي . واجبرت الدول الكبرى التي سبقتها في استعمار العالم على التنازل عن مستعمراتها لصالحها كما فعلت بريطانيا بتنازلها عن الخليج بأكمله وفلسطين والدول النفطية العربية الافريقية . لم تترك اميركا دولة دون ان تسرقها او تستعمرها بشكل مباشر او عن بعد ،ولم تعف دولة أيا كانت باستثناء الكيان الصهيوني دون ان تفرض ارادتها عليه او ان تورطها في مشاكل مع الجوار او بقية دول العالم.
تزامن الابهار القطري للعالم « استضافة نهائيات كاس العالم لكرة القدم « من 21 نوفمبر الى 18 ديسمبر 2022» مع انعقاد واحدة من اكبر التحولات في ميزان التحالف الاقتصادي بالتوافق العربي والخليجي مع الصين في شراكة تشكل ضمانات تفوق للصين وفرصة للعرب كل العرب ،وان كان البعض يعتبرها مغامرة للخروج من بيت الطاعة الأميركي بطلاق بائن وتخليص ما يمكن من النظام السياسي العربي والمصالح العربية المشتركة والقطرية من الانياب والاملاءات والاطماع الأميركية التي لا تشبع ولا تكتفي من النهب والسلب قبل انتهاء عصر النفط وبدء اعتماد الاقتصاد الدولي على الطاقة البديلة التي تبتز بها واشنطن العرب دون سواهم ومعهم روسيا .
وقد سألت احد الملوك العرب وهو على قمة السلطة في بلاده: لماذا لا تحررون اقتصادكم الوطني وتستفيدون من مواردكم ومن قواكم العاملة ؟قال بصراحة ليست للنشر ان لا قدرة لاي دولة عربية على تحمل رد الفعل الأميركي وأكمل : بلا استثناء بل ان الدول الأخرى ليست في حل من ذلك. وأضاف: الكلام سهل لكن العواقب صعبة . قلت :هل يسري هذا الكلام على الدول العربية فقط؟ قال بل حتى على الدول الكبرى. واوضح : قبل ان تخرج روسيا عن الخط لم تكن افضل حالا ، ناهيك عن ان الصين لاتزال تتأنى في مسيرتها وفي قراراتها ومواقفها ولهذا لم تقف مع روسيا صراحة ما شجع واشنطن على التمادي في الحرب ضد موسكو.
غادرت الحياة في العاشر من ديسمبر الحالي السيدة فاليريا «ايمان» بوخوروفا وهي سيدة روسية مسلمة عرفت بأنها مترجمة فورية وتحريرية من اللغة الإنكليزية الى اللغة الروسية . غير انها اشتهرت على نحو واسع بعد ان ترجمت القرآن الكريم الى اللغة الروسية على نحو لم يحققه احد سواها في جودة اللغة وبلاغة التفسير . لتصبح ترجمتها الأدق والأجمل بشهادة جميع الإدارات الدينية في روسيا وآسيا الوسطى.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى