المقالات

شكراً د. عزيز

يوم الثلاثاء الماضي ذهبت الى صور مدينتي على بعد 80 كلم عن منزلي في المشرف..عملت بنصيحة طارق عاشق بستان العائلة مصدر رزقها وشغفه.
الدرب مزعج من الطريق العام الى البستان الواقع في وادٍ بين ثلاث قرى جنوبية .حوالي 1500 متر ترابية بمطباتها وحفر الامطار فيها ،أضف الإهمال المتمادي من قبل الجهات المسؤولة «ايام الخير» فكيف في ايام لبنان العجاف هذه؟!
ذهبت الى البلدية التي يقع البستان في نطاقها لأقنعهم برصف الدرب وتزفيته فتستفيد عشرات البساتين ومئات الاشخاص يستخدمونه يومياً ،فأتى رد رئيسها مازحاً وعاجزاً:أفضل ان يبقى الوضع على حاله، فاذا تحسنت الطريق ستزداد سرقة البساتين وثمارها،فتكبر خسارتكم! ابتسمت متحملاً الألم الذي بدأ خفيفاً في ظهري وتوكلت الى البستان.
بين الاشجار الخيّرة بثمارها وجمال الوانها الساحرة، البرتقالي والاصفر والاخضر المتدرج والجذوع البنية ،وحفيف الاوراق ،وزقزقة العصافير، بهجة حقيقية تبعدك عن مزبلة السياسيين اللبنانيين وخطاباتهم المقرفة وتصريحاتهم المثيرة للقيء، وعن ممارسات البنكرجية ،وخصوصاً زعيمهم حاكم المصرف المركزي، والتجار ورجال الدين -عدا النادر منهم-وبقية شلة الزعران الفاسدين الذين يعيثون في البلد خرابا ودمارا.هؤلاء فرضوا على لبنان ابشع واحط نظام طائفي مافيوي، وافسد حكم عرفهما العالم. ويصدرون العفن كمكبات النفايات المنتشرة في كل مكان.
صعبٌ جداً الألم النفسي في آخر رحلة العمر، و قلق وفقدان امل واحساس بقلة الحيلة.وهذا ان اختفى لحظة،فإن حال لبنان تهيّجه دائما ولا تخمده لحظة صفاء في اي مكان مهما كان هادئاً وجميلاً.الفكرة التي تلّح عليّ دائماً في عزلتي اينما كانت هي :كيف يصل الفاسد الى اعلى مكان في مجاله، ويستمر فيه رغم انه مكشوف، ولا يُحاسب في مطلق الاحوال؟
كيف يقود فاسدون دولة او يبنونها؟ انهم ينهبونها.واللبنانيون صمٌ بكمٌ لا ينتفضون،يبلَعون الذل والهوان ويسكتون.
كررتُ التجربة في اليوم التالي . ما ان وصلت حتى انتابني ألم حاد في ظهري . فأعادني طارق الى المشرف ورجع الى البستان.ولما لم يعد الألم محمولاً ولست قادراً على ركوب السيارة الى المستشفى،او التواصل مع اختصاصي طلباً لنصيحة او وصفة لانه صار من المستحيلات في زمن انهيار كل شيء بما فيه النظام الصحي بعدما كان لبنان مستشفى العرب.فلا طبابة الّا ب «الفريش موني» وقد بات التعبير الاكثر انتشاراً الآن في لبنان،،ولا دواء الا في السوق السوداء.
تواصلت مع الدكتور عزيز الفيلي ،استشاري الطب الفيزيائي والتأهيل الطبيعي في الكويت ،وكان اشرف على علاجي في مستشفى الطب الطبيعي ثم الاميري،وقد عرفته طبيباً كفؤاً عالي التأهيل مهنياً وانسانياً. لم يتأخر في متابعة علاجي كلما لجأت اليه بعدما عدت الى لبنان ،وكان قد اسس عيادته الخاصة الناجحة. ،شرحت له ما بي وصوّرت مكان الالم، وكما في كل مرة شكوته وجعاً، لم يخب تشخيصه .اجاب بتواضعه :«اتوقع التهاباً بالمفصل الحقرفي-Sacroillis» ،ووصف دواء لمدة اسبوع «والافضل ان تضيف العلاج الطبيعي ان امكن».وبعدها لم يقصّر في الاتصال لمتابعة حالتي.
بعد ثلاثة ايام بدأ الوجع يخف فعلاً واشعر انني اتعافى.
شكراً دكتور عزيز الفيلي.وعَمَار يا كويت بأهلك وعطائك. فضلكما لا ُينسى.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى