نجحت المملكة العربية السعودية في توجيه كافة قواها في صنع الاستثمار البشري، فعكفت على تحسين مستويات التعليم، وطوعت اقتصادها من أجل الاستثمار في أبنائها من خلال تلقيهم أفضل أنواع العلوم في شتى المجالات، وقد أحسنت المملكة الاستثمار، وها نحن نجني ثماره الآن، وتقدم المنظومة الطبية خير دليل على ذلك، ويشهد على ذلك الصّيت الواسع لأطبائها وبخاصة الجراحين والذين شهد لهم العالم بأسره على براعتهم وتناقلت قصص نجاحاتهم الصحافة العالمية لتكتب عنهم كيف أنجزوا في جراحات فصل التوأم السيامي، وباتت السعودية مقصدًا لإجراء هذا النوع الخطر من العمليات الجراحية.
من بين النماذج السعودية التي تستحق الفخر هو الجراح السعودي الشهير الدكتور عبدالله الربيعة والذي احتفت به أحدى أشهر الصحف الأمريكية وكتبت عنه أنه ضرب الرقم القياسي في إجراء عمليات فصل التوأم الملتصق، ذلك النوع من الجراحات بالغة التعقيد ،ووصل عدد الجراحات الناجحة التي أجراها 48 عملية فصل للتوائم ولا يوجد جراح أجرى هذا العدد من العمليات.ومؤخرًا شاهدنا جميعًا الإنجاز الطبي الذي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمشاركة نحو 27 طبيبًا برئاسة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة بمستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني، حيث أجريت عملية فصل التوأم السيامي العراقي (على وعمر) أبناء محمد عبد الله جاسم واللذين يعانيان من التصاق بمنطقة أسفل الصدر والبطن وأنهما يشتركان في الكبد والقنوات الصفراوية والأمعاء، وبعد مضي 11 ساعة بداخل غرفة العمليات نجحت الفريق في فصل التوأمين، لتغلب دموع الفرح الضحكات، في مشهد مؤثر تناقلته جميع وسائل الإعلام.
إن المملكة العربية السعودية تفردت في هذا النوع من العمليات الجراحية بالغة الخطورة، ويأتي ذلك نتاج البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية باهتمام مباشر من قيادة المملكة، التي تُصدر التوجيهات باستقبال حالات التوائم، وإجراء العمليات الجراحية لها، والتكفل بكل نفقاتها المالية ، ويُعد البرنامج جزءًا من جهود المملكة في مجالات العمل الإنساني على المستوى الدولي، ومنها تصدرها العام الماضي للدول المانحة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للدول منخفضة ومتوسطة الدخل.