المقالات

السودان على مفترق طرق «2-2»

هذه الأمور كلها، تقول إن السودان على مفترق طرق كلها تؤدي إلى الهاوية، على الرغم من استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، لكنه لم يكن مشكلة السودان من الأساس، بل تعاطف الناس معه وكسب قاعدة شعبية إبان تعرضه للإقامة الجبرية من قبل سلطة المكون العسكري، ما لبث أن خسر تلك القاعدة عند توقيعه لاتفاق الخيانة بحسب الشارع السوداني، في 21 نوفمبر الماضي «2021»، لتأتي الاستقالة اليوم كتحصيل حاصل لا أهمية لها سوى إبراء الذمة من التبعات السابقة والحالية واللاحقة التي تعرض لها الشارع السوداني خاصة فيما يتعلق بمقتل 56 متظاهراً في التظاهرات الأخيرة دون تكليف أي مسؤول متابعة هذه الملف والتحقيق فيه لاسترداد حقوق الضحايا، زد على ذلك القمع إن كان عبر القنابل الصوتية أو المسيلة للدموع وقطع الإنترنت والطرقات، كلها عوامل تبين أن القبضة الحالية تضرب بيد من حديد، فالإكمال بهذا النهج من المؤكد أن المحاسبة ستحدث يوماً ما، رغم أنها بعيدة جداً، لكن بات الغدر سمة ملاصقة لما يحدث في الكثير من الدول العربية والسودان ليس استثناءً منها.
ويبدو أن دخول حمدوك في اتفاق مع المكون العسكري، مثل بداية النهاية لدوره الذي قاده بمهارة، في إحداث تحول هادئ في السودان، إذ يعتبر محللون أن الرجل لم يتمكن، من حشد دعم شعبي لاتفاقه مع عبد الفتاح البرهان، في وقت فقد فيه دعم القوى السياسية المؤيدة له في الشارع، والتي اعتبرت الاتفاق «محاولة لشرعنة الانقلاب»، وتعهدت بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل، لكن استقالته أنهت وهم نجاح الشراكة بين المدنيين والعسكر، لكن وبنفس الوقت دفعت استقالته إلى تفرد المجموعة الانقلابية بالسلطة، وفرض الأمر الواقع حيث سيزداد الاحتقان في الشارع السوداني، بما قد يؤدي إلى انفلات للعنف في البلاد في ظل ضعف قبضة الحكومة وقوة قبضة العسكر.
بالتالي، إن مضمون خطاب رئيس المجلس السيادي يركز على وعود بتسليم السلطة في توقيتها المحدد بانتهاء الفترة الانتقالية، وهي وعود قد لا تملك مصداقية للأسف لا داخلياً ولا خارجياً، إذ لم يتم تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين وفقاً للوثيقة الدستورية، لكن يبقى الرهان على القوة الصلبة للدولة بشكل مطلق ينفيه واقع أن هذه القوة في السودان منقسمة، أما على الأرض، فيبدو أن هناك قراراً قد تم اتخاذه بالاعتماد على آلية المواجهات العنيفة للمتظاهرين.
أخيراً وفي خضم هذه المرحلة الحرجة المطلوب اليوم لرأب الصدع ومحاولة النهوض بهذا البلد الجميل، سعة صدر مسؤوليه وصبرهم وقدرتهم على التسامح في سبيل المصالح الوطنية السودانية، فللسودان خصوصية يصلح معها فقط التراث السياسي السوداني وليس غيره، فنأمل أن تنتهي هذه الأزمة لما يكون فيه خير ورخاء للشعب السوداني العريق.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى