في المقابلة القيمة، الغنية بالمعلومات والافكار والصراحة اللافتة التي اجراها الزميل منير يونس مع بيار دوكان السفير الفرنسي المكلف بتنسيق الدعم الدولي للبنان ونشرتها الزميلة «نداء الوطن» السبت الماضي،يكشف المسؤول الفرنسي العارف جيداً بأوضاع لبنان حقيقتين،كل منهما لا تقل خطورة عن المتفجرات «من الداخل»، او الصواريخ «من طيران اسرائيلي» التي دمرت مرفأ بيروت.
الحقيقة الاولى ان المصارف اللبنانية مفلسة.ما يعني ان ودائع اللبنانيين ومدخراتهم وشقاء اعمارهم التي احتفظوا بها في البنوك قد سُرِقَت ونُهِبَت.،سرقها،يا للمفارقة، المؤتمنون عليها من حاكم مصرف لبنان واصحاب المصارف بالتآمر والتنسيق مع امراء الطائف عن سابق تصور وتصميم، ووزعوا ما نهبوه وفق حصص متفق عليها مسبقاً،وهرّبوا المسروقات الى بنوك وعقارات واستثمارات خارج لبنان.
الحقيقة الثانية التي كشفها دوكان، مرتبطة عضوياً بالسرقة الموصوفة وافلست معظم الشعب اللبناني،وهي ان المسؤولين اللبنانيين من ساسة عاهرين،ومصرفيين نصابين، وتجار جشعين واعلاميين نباحين، وورجال دين زنادقة، ومهربين قتلة، وقضاة معدومي الضمير،كلهم خانوا الامانة ونهبوا وهربوا،ويعيشون حالة نكران.والنكران هنا له ثلاثة معاني:لا يعترفون بحجم الازمة التي افتعلوها.فالاعتراف يكشف مسؤولاً، ويحدد مسؤولية،ويجلب محاسبة.وهم يرفضون اي اصلاح فلم يتخذوا ولو اجراء يتيماً بعد مرور ثلاث سنوات على الازمة. الاصلاح عدوهم الاول كما الاعتراف.
ما يقهر انهم لا يحمون انفسهم فقط بقوة السلطة على انواعها: دولة وعسكر وأمن وقضاء وبلطجية زعران،بل نقلوا عدوى الفساد الى الناس وسمموهم باسم الطائفية والشطارة و«الحربقة» الى آخر خزعبلاتهم التي حولت اللبنانيين الى شعب مخصي،رخو،خانع،خامل،فاقد النخوة وجبان في الدفاع عن الذات والعائلة والصديق والجار،وحولوه الى صرافي شوارع يلوحون بالليرات لسلب الناس ما بقي من دولارات قليلة.
حكم عاهر مستعد ان يفعل اي شيء وكل شيء ليوهم الناس ان الدعارة التي يمارسها مقدسة.فيما الشعب الذي فقد القدرة على التفكير والمنطق لا يسأل كيف بالامكان لمن يحكم الناس ان ينهبهم؟وهل يمكن نهب المال وممارسة الدعارة السياسية والاقتصادية والادارية والاقتراب من الله في الوقت نفسه؟