طالعتنا ومازالت تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة عالمية كانت أم محلية وعبر وسائل التواصل المختلفة لصور ومناظر بل مآسي إنسانية تعتصر وتتقطع لها القلوب وتدمع العيون من هول الزلزال المدمر الذي أصاب أخوة لنا في الدين ونظراء لنا في الخَلق في تركيا وسوريا ،وحجم الدمار الكبير الذي لحق بالشعبين والأضرار الكبيرة التي لحقت بالناس هناك، الأمر الذي استنفر وأيقظ ضمائر دول العالم وشعوبها لنجدة إخوة لهم في البشرية لتقديم يد العون والمساعدة وهذا أقل واجب إنساني يقدمه ويفرضه الضمير والإحساس ووجدان الأخ لأخيه، وكل ذلك يبعث على التفاؤل والأمل ،ولله الحمد بأنه لازالت الصدور تحمل بين أضلاعها قلوبا تنبض وضمائر تتألم وتتأثر لمصائب الآخرين ، لكن هناك بعض الأسئلة الغريبة التي تراود الفكر وتطرق أبوابه لم نجد لها مبررات أو إجابات شافية تُريح وتُزيح عنه تلك الآلام والمآسي التي تجلَّت صورها وتخلَّدت في ذاكرة البعض منا ،بل نُقِشت وحُفِرَت وباعتقادي ستبقى للأبد لِعِظم وهول ما رأينا من بعض مواقف وصور استغلال وتكسُّب وللأسف على جثث وضحايا قدرُهمُ وقدَرُنا أن نكون في محور الاختبار الإلهي أولاً والإنساني ثانيا، فهل في قاموس وأعراف البشرية والإنسانية أن تُقَسَّم القيم والمبادئ والضمائر وفق ألوان العيون ؟ هل تم تقسيم المشاعر والعواطف الإنسانية في مواثيق وضمائر الأمم حسب اللون أو الدين أو العرق ؟ هل دعت الكتب السماوية أو الأديان البشرية على اختلافها إلى تصنيف الناس كل حسب دينه ومعتقده إلى تفضيل عِرق أو لون أو لغة على الأخرى ؟ تباً لكم ولما تصنعون وتُرسّخون في عقول ونفوس الأجيال ، فاليوم تجلّت لنا العنصرية بأبشع وأنذل صورها وبالصوت والصورة وطعنت الضمائر والمبادئ والشرف والشهامة والغيرة ، فانقسام الدول والمؤسسات والهيئات الإغاثية على مستوى العالم بهذه العنصرية الفجَّة وهذا التمايز المَقيت والتفاضل المشمئز الذي أزكم الأنوف من تقديم المساعدة والنجدة لدولة على حساب أخرى وظهور بعض وسائل الإعلام المتواجدة في قلب الحدث للتسابق بتصوير الضحايا والجثث ومآسي الناس والتكسُّب على آلامهم ومصائبهم بهدف السبق الإعلامي أو الحصري للحصول على أعلى مشاهدة لهو قمة الإنحطاط والهبوط لقاع الانحلال والانفلات الأخلاقي الإنساني وتشرذم صريح وواضح لقسوة الضمائر والقلوب ، فماذا بعد هذا الإنسلاخ من آدميتنا ؟ وماذا بعد ظهور عورات ضمائرنا للعلن؟ وفي أي مجتمع بشري نعيش ؟ فعلاً مكيال الإنسانية مُزيَّف .
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه .