الكويت باقية ونحن زائلون،فهي السطور المستوية في صفحات قلوبنا ونحن فواصلها الصغيرة، وهي الشعار والدثار ودم الناظر، فليس كمثلها شيء، درة يتيمة لاتقدر بثمن ترجح على ماسواها، فاحفظوا هذه الوصية من رجل حنكته التجارب، وعاصر أحداثا مهمة مرت بها الكويت،إن حب الوطن لايعادله حب، وإن عز الرجال بعز أوطانها، نقد الدينار بالدينار ولهفي على من لاوطن له، فالوطن كل شيء بالنسبة لنا، نتقدم لتقدمه ونسمو لسموه ونتراجع لتراجعه، والكويت لنا جميعا أما غالية وحانية على أبنائها، وكل من قصر في حقها عاق بها، وظالم لنفسه، وليس الوطن حكرا على أحد وإنما هو ملك لنا جميعا، ومحبته ظاهرة للعيان لاتخفى على كل ذي لب، نراها في عيون محبيه وعشاقه، وكل أزمة تمر بنا صغيرة كانت أو كبيرة تظهر لنا من يحب وطنه ممن يتظاهر بمحبته ليس إلا، وقد لاحظت وغيري ظهور وطنية زائفة لاتشبه الحقيقة تماما، وطنية لم نعهد لها مثيلا في بلادنا، مجرد اسم بلا رسم، وقول بلا فعل، تلمسناها في السنين الأخيرة وبوجوه عدة، وأقنعة كثيرة، (فأما الزبد فيذهب جفاء)الرعد، فكل ماهو زائف يضمحل ويذبل مثل ورق الشجر اليابس يقع أرضا ثم تطير به الرياح بعيدا عن الورق الأخضر المورق، فالوطنية الصادقة ثابتة في القلب لاتتزعزع ولاتتغير بل تكبر في نفوسنا كلما تقدمت بنا السن، فهي قول يصدقه الفعل، نراها في عيون محبي الوطن وفي تصرفاتهم ونهجهم،نجدها في الغيرة والحماسة والحرص الشديد على أمنه وأمانه واستقراره، ولكننا اليوم نرى أن الوطنية ضعفت في قلوب كثير من الناس، ولم تعد صافية نقية كما كانت عليه في السابق، فقد تغيرت وشابتها الشوائب، وصارت أقوالا بلا افعال، وكلاما للاستهلاك، فالقول في واد والفعل في واد آخر، وبتنا بالفعل نعاني من مشكلة ضعف الوطنية، ولا أبالغ فيما أقول وإنما هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم، وهذه الظاهرة نراها بالعين المجردة من عدة وجوه وأشكال، فإخراس الألسن وتكميم الأفواه ومصادرة الآراء صار باسم الوطنية، والغلط على الناس وإظهار عيوبهم وكشف أسرارهم وطنية، والتجني ونفض غبار الكراهية وبالصوت العالي باسم الوطنية، والانفراد بالرأي والتجسس والكذب الصراح وطنية وهلم جرا، وهي وطنية ماسخة تضر إضرارا بالغا بالوطن وأهله، حافظوا على الوطن وعضوا عليه بالنواجذ وانبذوا خطابات الكراهية والعنصرية والقبلية والتحزب ليدوم لكم هذا الوطن العزيز.