المقالات

«سياديون» مسخرة!

مَن يسمّون أنفسهم «سياديين » في لبنان آخر مسخرة حقاً.لا أزكّي الآخرين عليهم.كلهم شركاء في تدمير وطني وإضاعة مستقبل شعبي.استنكر عليهم تسمية «سياديين» وهم لم يطلقوا رصاصة واحدة على جيش الاحتلال الاسرائيلي لتحرير وطنهم من براثنه.الآخرون فعلوا وكفاحهم من اجل التحرير يُحفَظ لهم وان كانت اخطاؤهم تتراكم بعده . «السياديون» لا يُقصَد بهم فقط قوات سمير جعجع والكتائب وبعض الملتفين حول البطريرك الراعي وبكركي ،انما المقصود ايضاً المنشقون عن الحريري وتيار المستقبل،وتحديداً النائب الحالي اشرف ريفي والسابقان مصطفى علوش وفارس سعيد ،ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة،وكذلك الوصوليون جداً مثل النائب البيروتي فؤاد مخزومي وجوقة الاعلاميين من الروبوتات الناطقة لمن يسقط فيها درهماً.
الخطأ الجديد الذي يغرق فيه معظم هؤلاء هو فهمهم الهزيل لاتفاق كبير بين ايران والمملكة العربية السعودية برعاية الصين بعد سبع سنوات عجاف من العداء بين البلدين.. يتضمن الاتفاق اربع قضايا رئيسية ملحة وضرورية:
1ـ استئناف العلاقات الدبلوماسية واعادة السفارتين الى الرياض وطهران والممثليات الى بقية المدن التي كانت فيها.
2ـ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
3ـ حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية .
4ـ تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين ايران والسعودية.
البلدان يحتاجان الاتفاق.بعدما دفع كلاهما غالياً ثمن خلافاتهما،وهي كثيرة. لذا استمرت المحادثات بشأنها سنتين تمت خلالها مراجعة مسببات الخلافات والسبل الكفيلة لمعالجتها.
هذا المسار الذي استغرق كل هذا الوقت وتنقّل بين بغداد ومسقط وانتهى في بكين، يعني ان «كل خلافات » البلدين ـ لاحظ صيغة الجمع ـ قد وُضِعت على طاولة الحوار وجرى تشريحها واحدة واحدة،وبعد التوصل الى«سبل معالجتها»تم الاتفاق واعلن في بيان مشترك ثلاثي ايراني -سعودي -صيني.فاستيقظ العالم على تحول استراتيجي جديد في الشرق الاوسط ذي دلالات اهمها ان السعودية وايران قوتان اقليميتان مؤثرتان،اذا اختلفتا فلا هدوء في المنطقة،واذا تصارعتا ولو بالواسطة شهدت المنطقة انفجارات موضعية او متعددة،وانعدم الازدهار والتقدم فيها.والدلالة الثانية نمو مشهود كبير لدور الصين القطب العالمي الثاني في الشرق الاوسط على حساب الولايات المتحدة الاميركية.وفيما تمايزت الرياض عن واشنطن باعتماد الرعاية الصينية،فهناك احتمال كبير ان يقرّب ما جرى في بكين بين طهران وواشنطن بعودة مفاوضات احياء الاتفاق النووي بينهما.
للأسف،لم يستوعب «السياديون» في لبنان ابعاد ما جرى في بكين، او انهم استوعبوها فأربكتهم.لذا جاءت ردود افعالهم غير متحمسة وربما مناهضة.فكان موقفهم ضبابياً يركز على التحذير من ايران ويشكك بموقفها من الالتزام ببنود الاتفاق، وكأنهم يعرفونها اكثر من السعودية وقيادتها.مع ان الاخيرة وجهت لهم،وهم يعتبرون حلفاءها،نصيحة صريحة وواضحة على لسان وزير خارجيتها:«لبنان يحتاج الى تقارب لبناني ـلبناني وليس الى تقارب سعودي ايراني».اي اذهبوا واتفقوا مع اللبنانيين الاخرين،وكفوا عن التصريح بأنكم لن تحاوروهم،حتى يصبح لكم رئيس جمهورية.
الاتفاق السعودي ـ الايراني سيغير صورة الشرق الاوسط اذا نُفِّذ. ولا بد ان ينعكس ايجاباً على لبنان،،كما على بقية ملفات المنطقة من اليمن الى سوريا والعلاقات الخليجية الايرانية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى