سُئل أحد الضباط العاملين في مركز شرطة عربي: لماذا تضربون المتهم وتسيئون معاملته.. لمجرد أنه متهم.. وقد يكون بريئا …؟
فرد الضابط: نحن أبناء هذا الشعب.. والشعب العربي – إلّا من رحم ربّي – يرضع العنف.. ويمارسه في كل زمان ومكان..!
أخشى أن أقول لك:العنف جينات متوارثة فينا..!
فالناس.. مثلا..تأتي بالمتهم إلى مركز الشرطة..وتسلّمه إلينا بعد أن تضربه ضربا مبرحا.. الكل يضرب بالأيدي والأرجل.. ويشتم ويسب ويلعن باللسان القصير والطويل.. طوال جرّهم المتهم إلى مركز الشرطة.. !
هذا لا يحدث في دول القانون والحضارة..!
في دول الغرب عموما.. ممنوع الاعتداء على المتهم.. في حادث مرور مثلا.. أو اختلاف رأي وحتى محاولة سرقة …!
بل ممنوع استخدام العنف ضد ابنك أو ابنتك.. !
تفاهم معه أو معها.. بالكلمة الطيبة.. والقدوة الحسنة..!
نعم ؛ والكلام ما زال للضابط العربي…الناس عندنا، تضرب المتهم وتنكّل به.. وأحيانا يحوّلون مكان ضبطه.. إلى سجن «الباستيل « أو سجن أبو غريب.. حتى نأتي بسيارات الشرطة..إلى بيتهم.. لنستلمه منهم.. ويكون المتهم..ممددا.. غارقا في دمه.. أحيانا.. حتى النساء والفتيات والصغار.. يشاركون في ضربه..!
فلماذا لا تقول للعربي المدني.. لماذا يستخدم العنف مع غيره.. كلما استطاع إليه سبيلا.. أو سنحت له الفرصة..؟!
حاسب المجتمع أوّلا.. واسأل المجتمع الذي يؤمن معظمه بالعنف والضرب والإهانة.. في البيت والمدرسة ومراكز العمل العام والخاص.. وبعدين تعال واسألني..!
العنف مستشري في المجتمع العربي.. ونحن في مركز الشرطة.. جزء من هذا المجتمع.. ومن شابه أباه فما ظلم..!
والإنسان ابن بيئته.. ومجتمعه..!
حتى المتعلّمين عندنا يمارسون العنف وليس العامة والجهلة والأميين.. من الناس وحدهم.. فالمدرّس كان عندنا لا يدخل على تلاميذه في فصلهم.. إلّا والعصا معه.. !
ألم تسمع بمن يقول لمدرّس ابنه الصغير: «خذ ابني لحم واعطني إياه عظم.. «
المهم علّمه..!
يعلّمه هو المهم.. ومش مهم يتعقّد ابنه..!
أليس هذا عنفا يولّد العنف..!؟
نحن رجال الشرطة.. نعرف وندرس.. بأنه لا يجوز الاعتداء على المتهم أو إهانته.. عند ضبطه.. أو بعد ضبطه..في مكان الواقعة…. فهو متهم حتى تثبت إدانته بالأدلة الدامغة والشهود الثقات والتحقيق النزيه والمحاكمة العادلة.. وليس بالعنف والتهديد والضرب.. والإهانة.. كما يفعل معظم العرب ونحن منهم.. مع الأسف..!
استخدام العنف عندنا نحن العرب قديم.. وضمن ثقافتنا وفي تراثنا.. وحبنا لأخذ حقوقنا بأيدينا.. مفخرة متوارثة.. تجري في عروقنا نحن العرب.. للأسف الشديد..!
العربي يتفاخر في كل أحاديثه بطول لسانه ويده.. وكيفية إهانته للغير.. أمام ربعه.. وربعه مثله.. فيصفقون له..!
العربي إلّا ما ندر لا يفرق بين السّماحة والضعف.. وبحسب الحكمة والحلم والرّوية..في معالجة المشكلة.. ضعفا في الشخصية.. فيصرع ويغضب ويثور لأتفه الأسباب.. وبدلا من أن يخجل.. مما اقترفه بحق غيره..
يفتخر بفجوره وقلة أدبه وجلافته للقريب والبعيد..في حلّه وترحاله..!
ولا أبالغ إذا قلت لك بأن هذا العربي يعتبر اللجوء إلى مركز الشرطة والقضاء.. لأخذ حقه.. مثلبة له ومعيبة لأسرته..!
سألت رجلا سلّ سكينا واعتدى به على غريمه لضربه ابنه: لماذا لم تلجأ إلى الشرطة.. لتسجيل قضية ضده.. وتأخذ الحكومة لك حقك منه..؟!
فردّ حفيد عنترة: ليش هو ابن الحكومة ولّه ابني؟
والبقية عندكم