في سنة ١٩٣٧ أنشأ المليونير الارمني هاغوب يعقوبيان عمارته الاستثمارية السكنية بشارع طلعت حرب ،وهذا يكمل مشوار حديثي عن جاذبية مصر العجيبة للمستثمرين من كل الجنسيات والديانات ،حيث كان سكان العمارة بهذا الخليط العالمي المتنوع في الثقافات والاجناس والهويات .الكل كان يعيش بأمن وامان في مصر الخير والبركة مادام يعمل ويجتهد ويكسب رزقه بالحلال دون ان يضر احدا ،فالعمارة اخذت اسم شهرتها من احد الاجانب الذين اختاروا مصر للعيش والاستثمار وكان له ذلك ،وقد استطاع الاستاذ الاديب والروائي المصري علاء بسيوني ان يؤلف روايته الرائعة «عمارة يعقوبيان « للحديث عن مصر الحقيقة والتاريخ اخذاً من هذه الايقونة الشاهدة على التاريخ العريق لمصر الفنون والثقافة عنواناً اساسياً لروايته التي حققت نجاحا ما بعده نجاح لدرجة ان فيلم عمارة يعقوبيان حقق كذلك نجاحاً لا يقل عن نجاح الرواية الجميلة ،الا ان المؤلف لم يذكر في روايته عمارة يعقوبيان ان الفنان المصري الكبير والممثل الرائع زكي رستم كان يقطن في الدور الثالث من هذه العمارة القريبة جداً من مقهى جروبي ،موضوع مقالي السابق هو المكان المحبب للكثير من الفنانين والكتاب والمثقفين للجلوس فيه وتناول قهوة الصباح او المساء من ضمنهم الفنان زكي رستم اشهر من اجاد لعب ادوار الباشا والمتغطرس المتنفذ .هذه العمارة تضاف على الكثير من محلات البقالة والصيدليات وصالونات الحلاقة التي افتتحها رجال اعمال غير مصريين جاؤوا لها طالبين العمل والكسب والنجاح .
.هاغوب يعقوبيان خواجة ارمني شاهدنا في افلام الزمن الجميل الجميل الابيض والاسود من يؤدي هذا الدور ويتحدث بلكنة مخارج حروفه غير عربية فانا تاجر مجوهرات او جرسون في مقهى او حلاق كما كان يمثله الفنان الايطالي الاصل استيفان روستي ،والخواجة بيجو مع انتيمه العربي المصري ابو لمعة واسمه الاصلي «محمد المصري» اشهر واكبر كذاب في التاريخ القديم «سينمائياً طبعاً» والشواهد من هذا النوع كثيرة كلها تثبت للاجيال عظمة واهمية مصر بالنسبة للعالم اجتماعيا وثقافياً واقتصادياً .مصر التي كانت منذ القرن الثامن عشر تمثل كل العرب في المهرجانات والمنتديات والمسابقات التي تعد وتقام في أميركا واوروبا سوف نذكر منها الكثير من تلك الشواهد تباعاً لنفي الشباب حقهم في العلوم والمعرفة.