من الأقوال الشهيرة التي يستخدمها الناس بشكل متكرر هي مقولة “عصفورين بحجر” والقصد منها هو أن شخصاً قام بفعل معين ليحصل على غرض واحد فخدمته الظروف وحصل على غرضين، أما مقالنا اليوم فإنه قلب هذه المقولة فجعلها “حجرين بعصفور” فأصبح المعنى و أن هناك عصفوار صغيرا كلما أراد أن يفرد جناحيه ويهرول مسرعاً ليطير ارتطم بحجر كان في طريقه وسقط أرضاً فإذا أعاد الكرة ارتطم بحجر آخر وسقط مرة أخرى، فما هي قصة هذا العصفور المسكين ؟
إن عصفورنا الصغير الذي نريد التحدث عنه في هذه المقالة هو الكيان الصهيوني اللقيط الذي كلما حاول أن “ينفش ريشه” ويفرد جناحيه ليطير في عالم الشرعية الدولية التي يحلم بها ارتطم بحجرين كبيرين هما صمود الشعب الفلسطيني والدول الداعمة لهذا الشعب، وسنركز على هذين الحجرين لأنهما أرّقا أمريكا التي أخذت دور الأم التي تبنت هذا العصفور وأخذت تبحث له عن أرض يقيم عليها دولته، ومن أجل هذا الهدف أخذت أمريكا تتآمر وتلفّق التهم لهذين الحجرين لكن حتى الآن نرى أن مساعيها لم تحققه بشكل نهائي بالرغم من أن هناك تطورات سلبية في هذا الصدد ،حيث إن الكثير من الدول العربية والإسلامية تراجعت عن موقفها بالنسبة للقضية الفلسطينية واعترفت بإسرائيل كدولة لها شرعية دولية، لكن كل هذا لم يحقق الهدف المنشود وهو مسح كلمة فلسطين بشكل نهائي وإظهار الكيان الصهيوني اللقيط بمظهر الدولة التي يعترف بها كل العالم كبقية الدول، وهذا ما يقلق ما يسمى إسرائيل حيث أنها حتى الآن تشعر بالنقص وتعلم جيداً أنها كيان غير محترم وغير شرعي وغير قادر على فرض شرعيته.
ولو أردنا أن نتعمق قليلاً في تحليل الأمور فإننا لن نجد صعوبة في الوصول لحقائق أعمق من التي طرحناها، فخطابات رؤساء أمريكا وآخرهم بايدن تنضح بالنوايا الأمريكية التي تصب في مصلحة الكيان اللقيط على حساب مصلحة منطقتنا العربية، فعندما يقول بايدن أن روسيا والصين وإيران لن يسيطروا على منطقة الشرق الأوسط فهو بذلك يكون بمثابة المتكلم عن إقطاعيات تابعة له وليس عن دول مستقلة ذات سيادة، كما أنه يكشف مساعي البيت الأبيض بإشعال الحرب بين العرب وخاصة عرب شبه الجزيرة وإيران ،وهذا ما سيحقق له نتائج كثيرة أولها تحمل العرب تكاليف هذه الحرب وحدهم ،وثانيها أن المسلمين عرباً وفرسا سيدمرون بعضهم بعضا “دون وعي” حتى لا يكون أمام إسرائيل عقبة لإقامة دولتها الكبرى، ولو نظرنا للقلق الأمريكي من النووي الإيراني المزعوم مع تغافلها عن النووي الإسرائيلي، ونظرنا كذلك إلى عجز أمريكا عن تدمير إيران وعجزها عن اتخاذ أي إجراء ضدها غير العقوبات الاقتصادية التافهة التي تجاوزتها إيران منذ أربعين عاما فإننا سنتأكد من هذه الحقائق، هذا فضلاً عن الحرب الأوكرانية التي أثبتت بجدارة عجز أمريكا عن فرض قوتها على العالم بخلاف عقوباتها الاقتصادية التافهة.
وما يجب أن نتأكد منه هو أن إزاحة حجري العثرة من طريق إسرائيل والتي تسعى أمريكا لأن تنفذه على أيدينا نحن حتى نكون نحن من دمرنا أنفسنا بأيدينا سيكون فعلاً نهاية مأساوية لنا، وإن كان لا بد لنا من أن نتخذ مواقف مناسبة في هذا الخصوص، فليس هناك موقف أفضل من أن نقوي هذين الحجرين اللذين يتشاركان معنا في الكثير من المشتركات، حتى لا نسلّم رقابنا لعدونا العصفور اللقيط.