من الواضح أن الخطوات التغييرية التي ابتدأت بعد الخطاب السامي لم تتوقف عند حل المجلس كخطوة أولى، بل إننا شهدنا قبل أيام الخطوة الثانية وهي اختيار رئيس الحكومة، فهل اختيار رئيس للحكومة بذاته يعتبر خطوة إصلاحية؟ بالطبع لا، فرؤساء الحكومات السابقون والذين ثبت فشلهم وفساد حكوماتهم تم اختيارهم أيضاً لكن الإصلاح في وقتهم كان يتمثل بحل حكوماتهم واستبعادهم من المشهد السياسي، لذلك نحن لم نسعد بمجرد اختيار رئيس وزراء جديد بل إن سعادتنا وتفاؤلنا سببه أن هذا الرئيس الجديد اختلف في أدائه عن سابقيه، وقد شاهدنا جميعاً قراراته الشجاعة والتي أثبتت ذلك خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية وهي فترة بسيطة وهذا ما دفعنا لدعمه وتأييده في منصب رئاسة الوزراء متوقعين إن شاء الله استمراره بالتغييرات المنهجية.
إن الشعب الكويتي المتعطش للإنجازات والإصلاح أصبح يرى الأمور الاعتيادية بذاتها على إنها إنجازات تستحق الإشادة والتصفيق، وهو لا يلام في ذلك حيث أنه شعب منكوب لم يفرح منذ سنوات، بل إنه كان يعيش الكآبة وهو يرى بلده الذي يعتبر من أغنى بلدان العالم وأصغرها مساحة وأقلها من ناحية عدد السكان من فشل إلى فشل حتى وصل إلى الهاوية وتذيّل قوائم العالم بالإنجاز والإصلاح والسياحة والتعليم والصحة والنظافة والأمن بل حتى تصنيفه الائتماني أصبح مهددا بالانخفاض بسبب الفساد والهدر والمحاصصة والتعيينات العشوائية لأشخاص ليسوا أكفّاء لتولي المناصب القيادية، وذلك يثبت أن الشعب لا يلام عندما يفرح ويصفق لمجرد أن رئيس الحكومة بدأ بطرد قيادات المنهجية السابقة الفاشلة تمهيداً لتعيين آخرين، فالتخلص من رموز الفشل والتعطيل والفساد بذاته يدعو للتفاؤل، وهذا من المؤكد أن يعتبر أمراً مفرحاً للشعب المنكوب الحزين على بلده، ليبقى بعد ذلك على رئيس الحكومة «بالمنهجية التغييرية» أن يكمل مشوار السعادة وهي مسؤولية جسيمة وثقيلة، حيث أن سمو الرئيس لا يجب أن يتخذ خطواته الإصلاحية بذات السلوك والمنهجية السابقة التي أثبتت فشلها وكانت باباً مفتوحاً للفساد والمفسدين، بل إن عليه أن يضرب مكامن الخلل أولاً ثم يضع قواعده ولمساته الإصلاحية الجديدة حتى لا تجره هذه المكامن للوراء، وأول هذه المكامن هي المحاصصة التعيسة والتي تؤدي لقتل الكفاءات وإبراز الفاشلين المتنفذين والذين سينتج عن تعيينهم بقية المهلكات، فإذا كانت منهجية الحكومة هي الترضيات فإن المناصب في الدولة لن تكون كافية للمتنفذين الذين تريد الحكومة ترضيتهم مما سيدفعها لإنشاء إدارات وهيئات جديدة لا هدف منها سوى ترضية المتنفذين ممن لم يدركوا المناصب الوزارية بمناصب مدراء بدرجة وزراء وهذا طبعاً سينتج عنه هدر في المال العام كما إنه يعزز البيروقراطية والإضرار بالشعب وتعطيل معاملاته، في المقابل فإن أصحاب الكفاءات سيتم تعيينهم في أماكن لا تتعلق باختصاصاتهم وبالتالي فإن إنتاجيتهم ستكون شبه معدومة، هذه بعض سلبيات المحاصصة المهلكة لأي بلد وأي عملية إدارية في العالم.
فإن كان سمو رئيس الوزراء الجديد قد بدأ بمشوار الإصلاح فإن الشعب اليوم يلتف حوله التفافا كامل ويطلب منه الاستمرار بالتغييرات المنهجية وإكمال هذا المشوار الإصلاحي الذي نتمنى أن لا نعود منه للفشل السابق.