لعل البعض يعتقد أن عشاق الإمام الحسين عليه السلام يطلقون عبارة «نور عيني يا حسين» فقط من باب التعاطف أو الحزن، والحقيقة أن هذه العبارة لها مفهوم آخر وهو أن الحسين عليه السلام ليس مجرد شخصية يتم استذكارها كل سنة للبكاء عليها، بل إنها شخصية ترسم للإنسان خطة حياتية منهجية يصل من خلالها لسعادة الدنيا والآخرة.
إن عبارات محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين التي كانوا يطلقونها في المواقف المهمة والبارزة التي خلدها التاريخ لم تكن مجرد كلام مرسل، بل إنها عبارات لو تمعنا بها لوجدنا أن فيها من العبر والدروس ما يكفي لأن يبقى الإنسان مستقيماً طوال فترة حياته، واليوم أريد أن أتكلم عن عبارة أطلقها الإمام الحسين روحي لتراب مقدمه الفداء عندما كان يواجه جيش يزيد وهو آخر موقف في حياته عليه السلام حيث كان صلباً مؤمناً متمسكاً بحبل الله، لم يعطي المنافقين إعطاء الذليل ولم يقر لهم إقرار العبيد بل إنه عندما شاهد القوم يصرون على إخضاعه أطلق عبارته العظيمة التي أردنا اليوم الكلام عنها وهي «الموت أولى من ركوب العار، والعار أولى من دخول النار» وهي عبارة فعلاً ترسم منهج حياة متكامل يوضح للناس كيف يعيشون في الدنيا بعزة وكرامة ولا يقبلون الذل والمهانة من أحد مهما كان جباراً ومتسلطا، كما توضح هذه العبارة متى يتنازل الإنسان عن دنياه من أجل آخرته ورضى ربه، فمعنى الموت أولى من العار هو أن الإنسان الكريم الشجاع يفضّل الموت على كل ما يجلب له العار ويفتح الباب للشامتين أن يشمتوا به وحاشى لأبي عبدالله الحسين أن يكون محطاً لشماتة الشامتين، وقد أوصل الحسين للجميع من خلال هذه العبارة أن موقفه ولو أنه قد أدى لموته فإنه افضل لديه من أن يعيش حياة مهينة تنقص من قدره، أما أن يكون العار أولى من دخول النار فهو ما مؤداه أن الإنسان السوي المتيقن بأن دار القرار هي الدار الآخرة وليست الدار الدنيا وقد أوصل الحسين هذا المفهوم لمن قال له أن موقفه هذا سيؤدي به للهزيمة والعار له ولأبنائه بأن الهزيمة التي تتكلمون عنها خير عنده من دخول النار ومعصية ربه بالرضوخ ليزيد وإعطائه الشرعية الدينية والسياسية. خلاصة القول أن تقييم الناس ليس هو المعيار الأساسي بل إن تقييم الله هو المعيار وهو ما يجب أن يتخذه الإنسان طريقاً له ليصل لسعادة الدنيا والآخرة.
ولو أردنا أن نأخذ من محمد وآل محمد المثل الأعلى فإننا لا يجب أن نكتفي بالكلام والتنظير والأخذ بهذه العبر من الناحية الشكلية فقط، بل يجب أن يكون لاقتدائنا بمحمد وآل محمد عليهم السلام انعكاسات على أرض الواقع، فلا نقبل ذلة ولا مهانة، لا نقبل تطبيع «دولي»، ولا خضوع لمتنفذ «محلي»
وختاماً نقول السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.