المقالات

العهد في المهد

يظهر أن العهد الجديد ليس عهداً شكلياً، ليس مجرد تغيير في الأسماء، ربما يدل على ذلك الإجراءات الإصلاحية المتسارعة التي تشهدها البلاد اليوم، فمن إقالة القياديين الفاشلين الذين لم ينتج عن تعيينهم إلا الفساد والتعطيل ،إلى إصدار قرار بإحالة كل نائب يأخذ دور مندوب معاملات للتحقيق ،إلى فتح أبواب المسؤولين أمام المواطنين ،إلى السيطرة على نقل القيود والتلاعب بها عبر إصدار مرسوم التصويت بالبطاقة المدنية ،إلى محاصرة مناطق المخالفين لقانون الإقامة وغيرها من إصلاحات أسعدت قلب الشعب الكويتي وجعلته يطمئن إلى حد كبير على مستقبل البلد مع ترقبه للمستقبل القريب وتمنيه بأن تستمر هذه الإصلاحات، فماذا يتطلب هذا المستقبل القريب ؟
إن الأحداث المتسارعة التي تعيشها الكويت اليوم بالرغم من أنها مفرحة إلّا أنها خطيرة بعض الشئ، فقد جاء حل المجلس بشكل مفاجئ وغير متوقع ما تسبب بـ”صدمة سعيدة” للشعب، ثم جاء تعيين رئيس للوزراء يلتف الشعب حوله بشكل كبير على خلاف الرؤساء السابقين الذين نزل الشعب للشارع لخلعهم، ثم بدأنا نشاهد رموز الفشل والفساد الذين كانوا كالأصنام لا يخلعهم من مناصبهم إلا الموت يتساقطون الواحد تلو الآخر، فكان كل ذلك يشكل مجموعة من الصدمات السعيدة، ولعل هذه الصدمات ستنسي الشعب أمراً مهماً وهو أنه كما أن القيادة السياسية بدأت بالنهج الإصلاحي وقامت بمسؤوليتها وحلت مجلس مرزوق الذي ضيع البلد على مدى تسع سنوات عجاف، وكما أن الحكومة أكدت هذا النهج وقامت بمسؤولياتها عبر الإجراءات التي ذكرناها فإن الشعب الكويتي مُطالب بأن يعزز هذا النهج ويقوم بمسؤولياته هو الآخر، وأعتقد أنكم جميعاً تعرفون ما هي المسؤولية المطلوبة منكم يا مواطنين.
في الحقيقة أن كلامنا عن العهد الجديد والإصلاحات التي تحققت ليس من باب الإندفاع، بل لا يزال هناك الكثير من المواطنين يرددون القول بأن هذه التغييرات مؤقتة وبعد أشهر قليلة سيعود الوضع لما كان عليه قبل الحل، والحقيقة أني لا أريد أن أفند هذا الكلام ولا أقوم بتحليله فهي وجهة نظر لها احترامها وسببها معروف طبعاً وهو أن السنوات التي مرت على الكويت وكان يحكمها الفشل والفساد والتعطيل والتنفيع ليست بالقليلة ما نتج عنه أن عددا كبيرا من المواطنين يئسوا ولم يعودوا يصدقون أي دعوة للإصلاح ،وهم طبعاً لا يُلامون في ذلك، وكل ما سأقوم به هو أني سأطرح التصرف الصحيح الذي يجب على الشعب اتخاذه في هذه المرحلة دون النظر لاحتمالية استمرار الإصلاحات من عدمها لأن المرحلة متسارعة وتحتاج لاتخاذ خطوات سريعة باتجاه الإصلاح لا الجلوس والتفكير، وهذا التصرف الصحيح يُعتبر قيام الشعب بمسؤولياته بعد أن قام كل من القيادة السياسية والحكومة بمسؤولياتهما ولم يتبق إلا أن يقوم الشعب بهذه المسؤوليات حتى تكون أركان الدولة الثلاثة «القيادة السياسية، الشعب، الحكومة» قد قامت بواجبها على أكمل وجه، وهذا الواجب يتمثل بتغيير المنهجية باختيار من يمثل الأمة، فلم يعد نائب الخدمات له قيمة بعد التعديلات التي قامت بها الحكومة، بل ونحن بانتظار محاسبة النواب الذين فتحوا في بيوتهم «مراكز خدمة المواطن»، ولا تنسى الحكومة أن الشعب ينتظر خلع بقية القياديين الفشلة والفاسدين. نريد أن يكون العهد الجديد عهدا مستمرا لا مؤقتا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى