المقالات

أولياء الأمور ..الثمرة من الشجرة

إليكم هذه العِبرة من القصة ،يحكى أن شاباً في القرية خرج من داره قاصداً ضفة النهر القريبة من دارهم فجلس يستريح ويستمتع بمنظر جريان المياه والتفكر بإبداع الخالق وعظمته ورحمته ،فإذا بتفاحة على سطح الماء تتلألأ كالجوهرة فتاقت ومالت النفس لها فأمسكها بيده وأكلها وعاد أدراجه ليستريح على ضفة النهر ،وإذا بلحظات المحاسبة وصحوة الضمير والنفس اللوامة تتغلبه بجرأته بالإعتداء على حقوق الآخرين وأخذ ماليس له ،فسار مسرعاً عكس مجرى النهر وإذا بباب بستان ملئ بأشجار التفاح فاستأذن بالدخول وإذا بحارس البستان فسأله الشاب أن يأخذه لصاحب البستان فبلغ مراده ،وإذا هو أمام صاحب البستان فسلم عليه الشاب وطلب منه الصفح والمعذرة ودفع ثمن التفاحة فرفض صاحب البستان ذلك عندما رأى في الشاب هذه الخصال الحميدة مستبقاً العفو وقبول إعتذاره بشرط الا وهو موافقة الشاب من الزواج من إبنته الوحيدة وبسبب قبحها وبكمها لم يتقدم أحد لخطبتها كما ادّعى والدها ،فاحتار الشاب بذلك وأخذ يُخَيِّر النفس بين الصبر وتحمل صعاب الدنيا الفانية والزواج من إبنة صاحب البستان أو الرفض وتحمل وِزر النفس وانجرافها خلف منظر التفاحة البرَّاق وأخذ مالا ليس له وعذاب الآخرة ولظاها ، فوافق الشاب على الزواج منها بشرط العفو والصفح عن أكل التفاحة فاتفقا على موعد حفل الزفاف ،وأخبر الشاب والديه وذهبا لتجهيز أموره دون إخبارهم عن الزوجة وصفاتها تحسباً لرفضهم ،وفي ليلة الزواج وبعد مغادرة الحضور أخذ والد العروس زوج إبنته وأدخله غرفة العروس وذهب إلى بستانه وإذا بالشاب أمام صدمة وواقع أم حلم لما يراه من حسن وجمال وحياء الزوجة ،فخرج مسرعاً خلف والد العروس ليخبره لعله أخطأ بأخذه لغرفة العروس أو لعله اشتبهت عليه الأمور ،وقال الشاب :يا عم إن العروس تتكلم وتسمع وتسر الناظر بجمالها وهذا مخالف وبعكس ما قلته لي أثناء حديثنا وإتفاقنا على العفو والصفح وشروطه ،فقال والد العروس :إعلم يا بني بأن إبنتي هذي وحيدتي وهي أغلى ما أملك في هذه الدنيا وكنت أحمل هم تزويجها بمن يظلمها أو يستعبدها ولا يخاف الله بها ،أو من يُسخرُهُ رب العباد ليُحسنُ إليها ويسعدها بعدي ،فدعوت الله ليلي ونهاري بأن يسخِّر لها زوجاً صالحاً مؤمناً ورعاً تقياً إن أحبها أكرمها وإن لم يحبها لن يظلمها خوفاً من الحساب والعقاب ،فجرت الأسباب والمقادير من اللطيف الخبير وجئتَ تطلب الصفح والعفو أو دفع مبلغ التفاحة فكنتَ الأمل الموعود والإستجابة لدعائي واعلم بأن كل ما أملك من بساتين وخيرات رزقني بها رب العالمين ستكون لكما، فاليوم نزرع وغداً نحصد فإما ثمرةٌ تسر الناظرين وتبهج نفوس وقلوب وأسماع السامعين بحسن تربية أبنائنا وبناتنا وإعدادهم الإعداد السليم لحياة أسرية مستقرة آمنة هادئة ،ولتكوين أسرة تؤمن بالحياة الزوجية وإحترامها وتقديرها والإلمام والمعرفة بحقوق وواجبات كل طرف تجاه الآخر بوعي وإدراك وإلا الندم والحسرة باللامبالاة وعدم التمهيد والإستعداد لتكوين شخصية وسلوك أبنائنا وبناتنا وتركهم وسط الأمواج تتلاطمهم حتى تغرقهم في ظلمات الحياة وعتمتها ، فالثمرة الطيبة من الشجرة الطيبة.
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى