عندما ينسلخ الإنسان من إنسانيته وأخلاقه يصبح وجوده بالمجتمع مجرد رقم يضاف لتعداد البشر، فالوجود يكون ظاهريا وشكلاً فقط بهيئة قالب فارغ من محتواه بلا ضمير ولا مبدأ ولا رحمة فيقتات على استغلال حاجات الناس ويأنس عند همومهم ويتشفى عند ابتلائهم ويسعد بسماع آلامهم وصراخهم ،فلا رادع خُلُقيا ولا تربية ناصحة أو موجهة أثَّرت أو قوَّمت سلوكه ،وغالباً ما نجد هذه النماذج من أشباه البشر في بعض أصحاب وممارسي التجارة وبكافة أشكالها فتراهم يستغلون الأزمات أيما إستغلال باتجاه التلاعب بالأسعار وزيادتها بشكل مبالغ فيه وإحتكار السلع وحرمان المستهلك والمجتمع منها بهدف التلاعب ورفع أسعارها ،الأمر الذي يثقل كاهل رب الأسرة وغالباً ما تؤدي إلى صناعة وإفتعال أزمات لا وجود لها أساساً ،وتبرير ذلك من قبل بعض التجار وتوجيه الإتهام والإدعاء بأنها أزمة عالمية خارجه عن إرادتهم وغالباً ما يكون الإتجاه لإحداث مثل هذه الأزمات وإرباك المجتمع بالحاجات والأصناف الغذائية الأساسية كاللحوم أو البيض أو الدجاج أو الرز وغيرها من المواد الضرورية ومحاربة الفرد في قوته ،وهذه قمة الانحطاط والشرذمة الأخلاقية التي يمارسها البعض ،فالغلاء المصطنع وإنفلات الأخلاق قبل الأسعار بهذا الشكل الجنوني ماهو إلا بسبب ثقافة الأنا وحب الذات وطمع النفس وجشعها ولقلة الوازع الديني والتربية الأخلاقية الدينية عند البعض ،فمقولة التاجر فاجر حتى يتفقه في الدين ماهي إلا لتنبيه وإحياء ضمائر البعض وتذكيرهم بواجباتهم تجاه أمتهم ومجتمعهم ودورهم المحوري والأساسي ومساهمتهم بدعم مجتمعهم وعدم إستغلال حاجات الناس والعمل بالأمانة والرأفة والكسب المشروع والحلال ليبارك رب العالمين لهم بأرزاقهم ويزيدهم من نعمه وفضله ويسبغ عليهم بالخيرات ،فالتجارة والكسب مباحة للجميع وأحلَّها رب العباد وباركها وتتداول بين الناس لإصلاح معيشتهم ولكن قبلها حثنا على التفقه بمعرفة أصولها وقواعدها لكي لا يُظلَم المجتمع .
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه .