كأنها كانت تتحدث عني، وتفشي أسراري للناس، وتكشف لهم حقائق لم أكن أرغب في أن يطلع عليها أحد.
الزميلة العزيزة الدكتورة حنان الناصر، تحدثت في برنامجها الأسبوعي «كتب تغيرنا» الذي يبث عبر البرنامج الثاني من اذاعة الكويت في التاسعة والنصف مساء كل أحد، وقدمت معلومات لذيذة عن كتاب «سحر الترتيب» لمؤلفة غربية اسمها ماري، حول الفوضى التي نغرق فيها كلنا، ولا أكاد استثني أحداً، لأن هذه الظاهرة المزعجة باتت شاملة كاملة، لا يسلم منها مخلوق.
د. حنان تحدثت عن تكدس الاشياء، الضرورية وغير الضرورية، في مكاتبنا وسياراتنا، وغرف نومنا، وتأجيل قرار ترتيبها الذي نتخذه كل يوم، ثم ننساه، لتزداد الفوضى في حياتنا، وتتضخم كميات الأشياء التي لا نحتاجها حتى لتكاد أن تغلق علينا منافذ الهواء، خيّل إليّ وأنا استمع الى البرنامج، أن د. حنان تتحدث عني شخصياً، أو أنها ترى بنفسها ما يتكدس على مكتبي من أشياء، لا أهمية لها، حتى لا أكاد – أحياناً – أن أجد مكاناً أضع فيه فنجان القهوة.
أما سيارتي فهي مخزن متنقل للأوراق والأقلام والجرائد وعلب المحارم، وقوارير المياه، والعطر، وأشكال وألوان ما أنزل الله بها من سلطان.
وكذا الحال بالنسبة لغرفتي، وخزانة الثياب، والمكتبة وحقيبة السفر، ففيها من العجائب والغرائب ما تحار فيه العقول، وفي كل مرة اجزم بأنني سأرتب هذه الاشياء، وانهي هذه الفوضى، فيتأجل القرار ويستمر الوضع على ما هو عليه.
حالتي هذه مقدور عليها، فقد تتحرك داخلي نخوة الترتيب والنظام فأضع حداً لهذه الفوضى، لكن المصيبة في أمتنا العربية التي تعاني من تكدس المشاكل والقضايا، والمصائب والبلاوي، وعلى جميع المستويات، الصحية والتعليمية والزراعية والصناعية والخدمية والأمنية والسياسية ولا أظن أن يوماً سيأتي ونشهد فيه زوال هذه الفوضى لتستعيد أمتنا وجهها الانساني الجميل، بصراحة… بالمشمش.