الابتعاد عن صغار العقول لاعلاقة له بالغرور أبداً فهناك فرق كبير جداً بين الترفُع والتكبر، فالترفع محمود والتكبر مذموم.
أما من يصفوننا بالتكبر لترفعنا عن الدنايا والصغائر ، فنقول عن هؤلاء باختصار إنهم أشخاص كبرت أجسادهم وأعمارهم وصغرت عقولهم حتى تكاد تكون فارغة، فأعمارهم تزيد بالأرقام وعقولهم تصغر بالأفعال، تجد صعوبة في التعامل معهم وفي فهم عقليتهم، تتوه عندما تقف أمامهم بسبب تفاهة تفكيرهم، وعدم استيعابهم لتصرفاتهم وأفعالهم الصغيرة والتافهة، فتجاهل المعتوهين من أمثال هؤلاء أمر جميل سيسهّل طريقنا في الحياة وسيفتح لنا أبواباً من الطموح والسعادة والتفاؤل.
الحياة جميلة ، فلا داعي أن نعطي هؤلاء الحمقى فرصةً لتكدير صفوها ، إننا لن نلتفت إلى أقوالهم ، فليقولوا ما يشاؤون ، فأعظم درجات الإحسان إلى أنفسنا أن نتجاهل هؤلاء الصغار ، فالناقصون وحدهم من يهتمون بالقيل والقال.
إن السفهاء لا يتفننون في إضاعة وقتنا فقط، إنما أيضًا يبدعون في شحننا حتى الثمالة بالانفعالات غير المفيدة، وبالطاقات السلبية،
فلنصمتْ عنهم ونترك السفاهة لهم ولمن هم على شاكلتهم ، فالطيور على أشكالها تقع.
وكما قال الكاتب الأيرلندي الكبير جورج برنارد شو :قمة الاحترام لنفسك، ان تبتعد عن صغار العقول.
فليس من الغرور أن نبتعد عن أصحاب الفكر العفن المتخلف والعقل الفارغ الصغير ، وليس من الغرور أن أبغض من يتحدث عن الشهامة والمروءة ويدعي التمسك بالقيم والمبادئ وهو بعيد عنها كل البعد ونراه يملأ السناب شات بتفاصيل حياته الخاصة ، ويصور أدق أمور حياته الشخصية ما يجعل حياته وخصوصياته على مرأى ومسمع من الجميع «لاشرف ولا عزة نفس» ليس من الغرور أن نبغض ونبتعد عن كل من يكذب ويرسم لأجداده تاريخاً مزوراً لا يمت للواقع بصلة ويفخر بذلك المجد الذي رسمه بيده وكلنا نعلم كذبه ونعلم أصله وفصله «هو رخمة وجده ضفعة»، ليس من الغرور أن نكره أصحاب المواقف القذرة والمصالح الشخصية ، لكن الأمانة والمسؤولية تحتم علينا أن ننبذ هذه الاشكال من مجتمعنا وأن نحاربها بكل مكان حتى لايتكاثروا بالمجتمع بفكرهم المنحط ، فكل هذا ليس غروراً ، وإنما اعتزاز بقيمنا ومبادئنا وتراثنا ، فنحن نمد أيدينا لأصحاب الأيادي النظيفة وأصحاب المواقف الطيبة اصحاب المبادئ التي لا تتبدل ولا تتغير .
نصافح بفخر أهل القيم والمبادئ ورجال الفكر وأصحاب العقول المفكرةالمثقفة فإن كان هذا غرورا من وجهة نظركم فما أجمل الغرور وما أحلاه!
وفي الختام الغرور شيء وتجاهل هذه الأشكال وعدم اعطائهم قيمة او احتراماً شيءُ آخر فتجاهلنا لأمثال هؤلاء يسمى ترفعاً لا غروراً لأن هذا المستوى المتدني لا يتناسب مع مستوانا ومع ما تربينا عليه من قيم ومبادئ.
وقد أشاد الشعراء قديماً وحديثاً بالترفع عن السفهاء وأصحاب الدنايا والنقائص فها هو سالم بن ميمون الخوَّاص يقول:
إذا نطق السَّفِيه فلا تجِبْه
فخيرٌ مِن إجابتِه السُّكوتُ
سكتُّ عن السَّفِيه فظنَّ أني
عييتُ عن الجوابِ وما عييتُ
شرارُ النَّاسِ لو كانوا جميعًا
قذى في جوفِ عيني ما قذيتُ
فلستُ مجاوبًا أبدًا سفيهًا
خزيتُ لمن يجافيه خزيتُ
والشافعي يرى أن تجاهل السفيه وعدم مجاراته أفضل من الرد عليه فيقول رحمه الله:
إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْهُ ـــــ فخيرٌ من إجابتِهِ السكوتُ
فإن كلَّمْتَهُ فرَّجْتَ عنــْهُ ـــــ وإن خلَّيْتَهُ كمدًا يموتُ