خلاف نشب بين جد وحفيدته الطفلة، هل تتصورون ذلك؟
أما الجد فهو الصديق العزيز د. احمد طقشة، وأما الحفيدة فهي الصغيرة ،العسل ،أسيل.
تعالوا الآن احدثكم عن سبب الخلاف، أسيل تقرأ نصاً يقول: «اللص راقب المجوهرات سابقاً».
جدها يلفظ سابقاً بالتنوين، أما أسيل فتصر على أن التنوين لا يلفظ، بل تقرأ سابقا بالألف.
وبالطبع طلب مني العزيز أبو طارق أن أحكم بينهما، بعد أن أرسل إلي الحوار مسجلا من لبنان، وقد فعلت، وأرضيت طرفي الخلاف، إذ حكمت لكل منهما بالصواب، وهذه ميزة لا يتمتع بها إلا القضاة المتبحرون في علوم الاتيكيت!
لا أخفيكم أني شعرت بفرح طفولي، وغمرتني موجة من البهجة، وأحسست أن هذا العالم مازال بخير، رغم كل ما يفعل التافهون.
رغم كل المخازي التي نسمعها يوميا من مذيعي فضائيات عربية، وإذاعات.
رغم كل «الهباب» الذي يكتبه «نجوم» الصحافة وعمالقة المقالات.
رغم الكبائر التي يرتكبها خطباء يصدحون فوق المنابر، فيغيرون بجلهم وسطحية تفكيرهم، معاني القرآن والحديث، بل يرتكبون آثاماً لا يغفرها إلا غفار الذنوب.
لقد انعشت أسيل، بصوتها الفيروزي، آمالا كبيرة في روحي، وطمأنتني بأن لغتنا العظيمة هي الأحلى والأغلى والأنقي والأرقى، وقد ذكرتني بالطفلة الحلبية التي فازت منذ أيام بجائزة تحدي القراءة في الإمارات العربية المتحدة، وآمل أن أرى أسيل يوماً ما وهي تغرد أمام آلاف الحضور، فتبهرهم بفصاحتها، وتأسرهم بعذوبتها، وتسلب قلوبهم بدلالها.
كنت يوماً أدسك موضوعاً لأحد المحررين فلفتتني كلمة «ترأب به» فسألته: ماذا تعني بهذا؟ فقال: ترأب به، يعني مش عاوزاه يعمل كده، قلت: آ، فهمت، تقصد تربأ به، فقال: هي تربأ؟ قلت: نعم، فأجاب سريعاً ليخلص نفسه من هذا المأزق: ده انا هتربأها على دماغهم.
وأذكر يوما أني قرأت اسماً كتبه احد المحررين، فيه حرف غين، وأشكل علي، فالاسم يحتمل حرفي القاف والغين، واضطررت لسؤال المحرر لفك هذا الاشتباك، فرد سريعاً وهو يهم بالخروج من القسم: غين… غين، بالقاف!