فيروسات كراهية تنتشر ،وزوابع إعلامية ممنهجة تتطاير ،وشائعات سياسية تنطلق ،وملفات قيد الانتظار تتفلت ،وكل هذا أضحى مشهدا مألوفا في حياتنا اليومية ،وما نشاهده من حولنا من تغيرات إيجابية وأخرى سلبية يشكل حالة من الرهاب في ظل غياب ثقافة فكرية وفكر ثقافي تشريعي لعلاج مجريات الاحداث للمساهمة بكبح جماح حالة السكون التي تأتي على مفاصل تطلعات المستقبل .
ويلاحظ التناغم الممهنج بين فيروسات الكراهية والمانشيتات والاخبار المفبركة والشائعات بل والازمات المفتعلة والحقيقية أحيانا ،لأن الأولى حاضنة خصبة للثانية وكلاهما يهدف لتحقيق مصلحة ذاتية لاحقا تعتمد على تضليل العقول في ترويج وتضخيم المخاوف والمخاطر ضد منافسي مصالحهم.
ولعل تهميش اصحاب الاختصاص والفكر عن قضايا الساحة وكذلك التداخل الفج للسلطات وتجاهل المشرعين لمعالجة الفراغات من الأسباب الرئيسة التي جعلت من الانتهازية السياسية أمرا واقعا ،وخلقت لنا نموذج التاجر الذي لا يشبع والرياضي الذي لا يخضع والإعلامي الذي لا يردع ،فأضحى السياسي والتاجر والرياضي والمفتي والإعلامي هو نفسه ممن يمتلك ماكنة توجيه الرأي العام وتحديد رغباتها وفقا لاهدافه وأدوات الفضاء المفتوح ،ويكون قد تمكن من صناعة العقول وتحريك اتجاه الجماهير وإرهاب الخصوم ،كما نشاهد ضحايا الإرهاب الإعلامي من مجتمع ومسؤولين مخلصين يوميا يتساقطون امامنا ونحن عاجزون عن حمايتهم.
من المؤكد أن حب السلطة غريزة إنسانية أحيانا كثيرة ، والخشية من فقدانها لا يختلف عليه سواء هنا أو في أي بقعة من هذا العالم ،ولعلنا نستعيد بهذا المقام ما ذهب اليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تصريحات صادمة ومخجلة حينما قال «أقول لكم إنه في حال تم عزلي أعتقد أن الأسواق ستنهار وأن الجميع سيصبحون فقراء جدا ».
من المؤكد ان تهديد الرئيس الأميركي السابق ترامب بإثارته مخاوف تعرض الأمريكيين لخطر الفقر يعيد الي الاذهان فساد دول العالم الثالث والفكر الاستبدادي المرافق له ،وهذا ما حصل مع ترامب الذي انتابه القلق حيال مستقبلة الرئاسي حينها ،وكذلك التحقيقات التي تنتظر افراغه من الحصانة بعد اثارة تجاوزه القانون هو ومساعديه… والحمد لله لم نصل بهذا البلد أن يتم تهديد المواطن برغيف خبزه كما فعل رئيس اقوى اقتصاد في العالم ،ودأب عليه عدد ليس قليلا من قادة العالم الثالث والمستبدين .