أهل الكهف فتية آمنوا بربهم وخرجوا من قريتهم بل خرجوا من قصر الملك الروماني ديقيانوس المدَّعي الربوبية والألوهية بعدما هداهم رب العالمين لطريق الرشد والإيمان ،وقصتهم المعروفة المذكورة في القرآن الكريم ،فبعد مبيتهم في الكهف ما يقارب الثلاثة قرون ونيف باعجاز إلهي وحكمة ربانية وعِبَر لأهل الألباب على مر التاريخ ،ثم بعثهم وأحياهم مرة أخرى، فما إن بَعثوا أحدهم إلى المدينة ليجلب لهم الأرزاق حتى عاد مسرعاً لأصحابه ليخبرهم هول ما رآه من تغيير بأحوال الناس والمدينة وهلاك الملك وصلاح البلاد والعباد والإيمان والتوحيد ،لكن ذلك لم يرق لهم ولا يستطيعون مسايرته وذلك بسبب الفارق الزمني الكبير من لحظة مبيتهم بالكهف إلى لحظة يقظتهم وتبدل الأحوال فطلبوا من الحي الذي لايموت ودعوه بأن يعودوا لما كانوا عليه إلى أن يشاء الله فاستجاب لهم ربهم فأماتهم جميعاً وجعلهم آية وعبرة للأمم والأجيال ، فما أشبه اليوم بالبارحة في بعض مسؤولينا ووزاراتنا للأسف ،وأخص هنا بالذات وزارة الصحة ومبيتها العميق وبعض القائمين على إدارة مصالح البلاد والعباد فمن غير المعقول أن تقوم الوزارة بسن القوانين واللوائح الخاصة بتحديد الرسوم الخاصة بفتح الملف للمريض عند المراجعة بمبلغ محدد ومعين للعيادات الخاصة ،وتم تعميم ذلك من خلال قرار وزاري الأمر الذي التزمت فيه جميع العيادات الخاصة أو أغلبها ،ولكن سرعان ما بدأت الوزارة بالعودة لسباتها العميق مرة أخرى كأهل الكهف وترك القارب تتلاطمه الأمواج ،وأخذت بعض العيادات بامتطاء صهوة الغفلة واللامبالاة وضعف أو إهمال الجانب الرقابي والمتابعة من قبل الوزارة فعادت الأسعار توضع بالأهواء وعلى المزاج من قبل بعض العيادات الخاصة «قال مَن أمَرَكْ قال من نهاني» فحسناً فعلت الوزارة واسترشدت بما فعله أصحاب الكهف بالعودة للمبيت الطويل لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً وبانتظار الفرج، كما لا يفوتنا أن نوجه بعض اللوم أو العتب إن تقبلوا منا لبعض الدكاترة والأطباء أصحاب العيادات الخاصة وبغض النظر إن كانت هناك قرارات وزارية في هذا الجانب تُلزَم بتنفيذها وتطبيقها أو عدم الاكتراث لها ،فمهنتكم وشرفها الكبير وقسمكم ودستوره العظيم لهي أثمن وأغلى وأنقى وأغنى من كنوز الدنيا وما حوتها ،فالجانب الإنساني هو القاعدة الأساسية والصلبة التي تقفون عليها ورحمة وإنسانية مهنتكم العظيمة وما تقدموه للبشرية لهو نبراسكم وفخركم وأتمنى من جمعية الأطباء أيضاً يكون لهم رأي أو مساهمة أو إقتراح في هذا الجانب الإنساني وتكون مبادرة من قبلهم كتوحيد رسوم الزيارات أو فتح الملف بسعر رمزي ومحدد ويعمم على جميع التخصصات والعيادات ،ويا حبذا لو يتم دراسة الوضع من جانب إنساني بحت فليس بمقدور الجميع دفع مبالغ قد يكون لها الأثر على مداخيل البعض المادية وأسرهم وليأخذوا بالإعتبار طبقات ورواتب الفئات الأخرى ،فكم بيننا من مغتربين وأخوةٌ لنا رواتبها تكاد تسد حاجات والتزامات أُسَرُها وقد يتأثر عند اضطراره لمراجعة عيادة خاصة لدفع مبلغ وقدره ،فالمرض عندما يداهم الإنسان لا ينظر لعرقه أو لونه أو راتبه وقدراته المادية ،ولنعمل من منطلق «الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق» علي بن أبي طالب – رضي الله عنه.
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.