المقالات

براءة الفاسدين!

حسن النية لا يبرر سوء العمل…
مقولة تنطبق على كثير من المندفعين بحسن نية والذين يسعون للإصلاح ومحاربة الفساد ولكن بطرق مخالفة للقانون والدستور ويقعون ضحية استغلال تجار الأزمات والحروب من الأحزاب والتيارات وأحيانا من دول واستخبارات خارجية.
عندما هبت رياح الفوضى الخلاقة ومايسمى بالربيع العربي ووصول سمومها إلى بلدنا وقع بعض المصلحين في فخ مخططات الآخرين من استخبارات وأحزاب خبيثة كانت تسعى لإحداث الفوضى في الكويت ودخولها في نفق مظلم لتحقيق أجندات دولية وإقليمية للطامعين بالبلاد وثرواتها و الناقمين من الحرية والديمقراطية ودولة المؤسسات التي حبانا الله بها.
كنت من أشد الرافضين لتلك الفوضى الخلاقة ومآلاتها الخطيرة وتداعياتها على مستقبل الدولة ووضعها الإقليمي ،رغم تفهمي لمطالبات المصلحين -وهم قلة قليلة -لمحاربة الفساد المنتشر في أغلب الاجهزة الحكومية ،والوقوف أمام استئثار الطبقة التجارية بالمناقصات وتحويل الدولة عزبة خاصة بهم ، ولكن تلك المطالبات ومحاولات الإصلاح جاءت بطرق خالفت العرف والدستور وتمردت على القانون فكان جزاؤها الرفض وعدم التأييد من قبل الشعب.
وقوف الشعب ضد فوضى الوهم العربي واندثار مخططات الحاقدين والكارهين لايعني بأن الشعب أعطى صك البراءة والنزاهة للمسؤولين في الدولة والأجهزة الحكومية ، فالموقف الشعبي موقف مبني على المحافظة على الدولة وكيانها وأمنها وليس دعما للفاسدين من بعض القياديين وأقربائهم.
أغلب حالات الفساد والتي يقوم المصلحون بكشفها تقوم الحكومات المتعاقبة بإحالتها إلى النيابة والمحاكم دون أن يصدر حكم نهائي واحد بإدانة الفاسدين ، وهو ما يشير إلى تواطؤ جهات حكومية مع الفاسدين لأن الإحالات تمت بطرق ملتوية ومتعمدة لمخالفة سلامة الإجراءات وتعارض وضعف الأدلة وهي في الأساس جاءت لخدمة الفاسدين ورفع الحرج عن المسؤولين أمام الرأي العام والشعب!
انتشار الفساد و ازدياد حالاته بشكل مخيف مؤخرا بات يهدد كيان الدولة وسمعتها الخارجية وهو ما أدى إلى ازدياد السخط الشعبي من السواد الأعظم من الأغلبية الصامتة والتي كانت تقف بصف الدولة في الماضي وذلك بسبب السرقات الكبيرة والتي أصبحت تمارس ليلا ونهارا دون ان نرى معاقبة الفاسدين من عليّة القوم ،مع استمرار سيطرة الطبقة التجارية على مفاصل الدولة ، فيما يئن المواطن البسيط من البطالة والديون واختلال التركيبة السكانية وآثارها السلبية وغلاء الأسعار وضعف الخدمات الحكومية وانهيارها.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى