فوض أمورك لله وحده فكل شيء في هذه الدنيا بيده، فهو المعطي والمانع، وكل تسكينة وتحريكة بإذنه، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، فلله عز وجل المشرق والمغرب وأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله، فلنتوكل عليه ونفوض أمورنا إليه، وإن ضاقت بنا الحال، فهو المجيب دعوة المضطر إذا دعاه وهو أقرب لنا من حبل الوريد :
ولله في كل تحريكة
وتسكينة للورى شاهد
وفي كل شيء له آية
تدل على انه الواحد
ومهما استصعبت عليك الأمور فلا تجعل لليأس طريقا في نفسك، وانتظر الفرج وتحل بالصبر فانتظار الفرج عبادة، وقد قضى الله سبحانه وتعالى ان مامن عسر إلا ويتبعه يسران، ولن يغلب عسر يسرين بأي حال من الاحوال ،ولله در إبراهيم بن العباس الصولي حيث يقول:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لاتفرج
فيا أيها الرجل وكلنا هذا الرجل، أياك والقنوط من روح الله.
روى القاضي التنوخي في كتابه “الفرج بعد الشدة “أن المحدث أبا قلابة عبدالله بن زيد الجرمي قال : ضقت ضيقة شديدة، فأصبحت ذات يوم والمطر يجىء مثل أفواه القرب، والصبيان يتضورون جوعا، ومامعي حبة واحدة فما فوقها، فبقيت متحيرا في أمري، فخرجت وجلست في دهليزي وفتحت بابي وجعلت أفكر في أمري، ونفسي تكاد تخرج غما لما ألاقيه، وليس يسلك الطريق أحد لشدة المطر، فإذا بامرأة نبيلة على حمار فاره وخادم أسود آخذ بلجام الحمار يخوض في الوحل، فلما صار بإزاء داري سلم وقال : أين منزل أبي قلابة المحدث ؟ فقلت : هذا منزله وأنا هو، فسألتني المرأة النبيلة عن مسألة فأفتيتها فيها، فصادف ذلك ماأحبت، فأخرجت من خفها خريطة فدفعت إلى منها ثلاثين دينارا، ففرج الله عني بعد الكرب الشديد.
وقال حكيم :من لطائف اقتران الفرج بالكرب أنه إذا اشتد الكرب وعظم وتناهى وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة الناس تعلق قلبه بالله وحده ،فيكون الفرج، وهذه هي حقيقة التوكل وهو من أعظم الاسباب التي تطلب بها الحوائج، وقد قال خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار «حسبنا الله ونعم الوكيل» قال حكيم : مهما تعاظمت الشدائد ومهما كانت اشتدادا فهي أقرب ماتكون انفراجا ويسرا ،فكل ليلة غاسقة الظلام يأتي بعدها نور أبلج، «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب» فلا نحمل هم الدنيا فإنها لله، ولانحمل هم الرزق فإن الله هو الرازق، ولانحمل هم المستقبل فإنه بيد الله، ولنحمل هما واحدا هو كيف نرضي الله تعالى ،ودمتم سالمين.