المقالات

الخَلوج

كلمة الخلوج تعني: الناقة التي فقدت ولدها، فتبدأ بالنواح والأنين عليه حزناً ولوعة، وشواهد العرب في الأشعار والأمثال كثيرة، ولكن تطرح سؤالا عزيزي القارئ عن علاقة العنوان بفحوى المقال، سأجيبك ولكن عقب الحكاية التالية:
في محاضر المجلس التأسيسي وتحديداً في محضر رقم 22/62، وخلال استعراض المادة 173 من الدستور والتي نصت على تعيين جهة قضائية للفصل في المنازعات الدستورية، استفسر السيد مبارك الحساوي عن معنى المادة المتلوة، فأجابه الخبير الدستوري د. عثمان خليل عثمان حينها نصاً – وأعتذر منك صديقي القارئ عن الاجابة المطولة ولكنبها مكمن الحكاية:
«لاحترام الدستور ونصوصه، يراعى انشاء محكمة تقيم صواب القوانين المخالفة لبنوده، فضمان احترامها يكون بوجود القضاء الذي يستطيع ان يرد المخالفة، لذلك كان الاتجاه الحديث نحو ايجاد محكمة خاصة من مستوى كبير، يراعي في تشكيلها اعتبارات، كأن تكون ممثلة لأعضاء مجلس الأمة، وممثلة لعضوية أو رئاسة وزير العدل، ووجود اغلبية من رجال القضاء، وبهذا الشكل الخاص تصبح مراقبة دستورية القوانين ليست في يد القاضي العادي، وانما في محكمة عليا لها طابعها الخاص من التشكيل».
بهذه الحكمة الدستورية أجاز المجلس بالاجماع على المادة، وعليه ذكرت المذكرة التفسيرية للدستور رغبة اهل التشريع حينها حول تشكيلها… يرجع لمظانها.
أعلم عزيزي أن العلاقة ما بين الحكاية والعدوان لم تتضح ولكن تمعن الفقرة الاخيرة من إجابة الخبير.
نعم، هنا مشاعر الحزن والأسف تكمن في ما نعيشه الآن من مسألة تنظيم المحكمة، فالقانون وكل تنظيمها لسلطة واحدة، «السلطة القضائية» ومع ما تتمتع هذه السلطة من كفاءات قانونية الا انها تفتقر للأبعاد السياسية كما يحرم عليها ابداء آراء حولها وفقا لما نصت عليه المادة «27» من تنظيم القضاء، لذا يصعب على المرء في ظل الظروف العصيبة، والتنظيم الحرمي للمحكمة، أن يجعل هذه المحكمة العليا في نظر الخبير محكمة تنظر للبعدين القانوني والسياسي، فحكم المحكمة بالطعون الانتخابية إن لم تجعل بالأبعاد السياسية فقد أبعدت النجعة.
ودمت بخير عزيزي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى