تتجلى قيمة المجتمعات بريادة نابغيها، ومثقفيها وعلمائها، الذين يرسمون للمجتمع بروازاً واضح المعالم، لقيمة المجتمع من فضائل وايجابيات جمة، لذلك هدم أي مجتمع كان يكمن في اقصاء هؤلاء من المشهد، أي كان بعده ومجاله فوجود تلك البصمات والشخصيات مكمن لسير المجتمع نحو التكامل.
الا ان المجتمعات بتعدد أشكالها وصورها، لا يوجد منها تلك المثالية المطلقة، والتي لابد أن تشوبها المظاهر السلبية والأفعال الخارجة عن نصوص الأدب والعُرف، فما يزيدها هو التركيز عليها وتسليط الضوء عليها، بمسلسلات أو أفلام وغيرها لتصبح عادة قابلة للانتشار والاخذ بها، فهنا يكمن دور كل معطاء في التغير والاجتهاد واستمالة المجتمع نحو ماهو محمود وجميل، ونشر الثقافة السوية والأخلاق الحميدة التي لربما كانت الاسرة مقصرة في ترسيخها، ليأتي الصالحون في ترميم هذا الدور واستعادة المجتمع كما ينبغي أن يكون ولو بشكله المنغلق والمقتصر على بيئات صغيرة كأستاذ مع طلابه ومربية مع بناتها.
تلك المسؤولية تكمن في نفوس الجميع، للوصول إلى مجتمع يتحلى بفضائله ويحارب ويستنكر كل ما يجوب في أفق المخربين فكرياً وعملياً، ليكون الشعار دائماً هو البناء وليس الهدم، لجميع نواحي الحياة الفكرية والاجتماعية والثقافية، وحتى السياسية التي بدورها ترسم تلك المحطات المهمة لقيادة المجتمع ليكون مجتمع مسلم محافظ، مطبقاً لتعاليم دينه، مبتعداً عن الابتذال والانحاء لكل ماهو رجعي يؤخذ من الغرب من سلوكيات وأفكار دخيلة لا تخفى على أحد بمضمونها التخريبي، وتدمير تلك القواعد والمناهج الثابته في فكر وعقل الانسان السوي وبالأخص المسلم.
كما كان يدعي الفلاسفة القدماء بما يدعى بالمدينة الفاضلة، وهي المثالية المفرطة والتي تعتبر شبه مستحيلة لتنوع الانطباعات والخلفيات الفكرية، الا ان ذلك مع تكاتف الجهود وبذل كل انسان لدوره الحقيقي أين كان موقعه، فيعتدل الميلان وتكن الاستقامة وان كانت محدودة، فكل محدود سيحد الآخر وهكذا سلمت المجتمعات من ما يُراد ان يتغير، وان يستمر المجتمع في عطاءه ومبادئه ومسلماته وكما يُقال خطوط حمراء لا يمكن تعديها.
ليقم كل مرب وكل معلم، وكل أب وكل أم وكذلك كل تربوي بتفعيل دوره الاساسي، وكذلك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وجميع ما يدور في فلكها، في تعزيز الفضائل ونبذ الرذائل، وصقل مجتمع قادر على استكمال مسيرته ورسالته، فهذا هو سلك الصالحين والمخلصين الذي يريدون للأمم الخير ولأبنائهم وبناتهم الرفعة والمنازل العالية الرفيعة في الدنيا والآخرة.