قبل أيام توصلت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية إلى اتفاق لا شك بأنه تاريخي، حيث تم استئناف العلاقات بين البلدين وإعادة فتح سفارتيهما، والأكيد أن هذه العلاقات لن تؤثر على البلدين المعنيين فقط، بل سيكون التأثير على العالم الإسلامي برمته، ولا شك بأنه تأثير إيجابي بحث، وما علينا فعله هو دعم هذا الاتفاق حتى نضمن ديمومته.
إن القول بأن العلاقات السعودية الإيرانية لها تأثير على العالم الإسلامي ليس قولاً مرسلاً ولا هو كلام من باب المجاملة أو العاطفة، إنما هو كلام واقعي وحقيقي، فكلا البلدين له أهمية إقليمية وتأثير دولي كبير سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية ،وقد شاهدنا تأثير كل منهما على عدد من الدول، لكننا لا نريد في هذا المقال أن ندخل في تفاصيل تلك الاحداث، المهم لدينا الآن أن نؤكد على إن السعودية وإيران لهما تأثير دولي على عدة اصعدة، وقد كانت هذه التأثيرات تسير بشكل متعاكس على مدى عقود فلم يستفد منها سوى أعداء الأمتين العربية والإسلامية، باختصار شديد تغلغلت إسرائيل اللقيطة في العديد من الدول الإسلامية وهذا سقوط سياسي، وحُرمت الدول الإسلامية من التصنيع والزراعة والإنتاج وأصبحت دولاً مستهلكة فقط وهذا سقوط اقتصادي، وثارت الحروب بين الدول الإسلامية واستُنزفت أموالها في هذه الحروب وهذا سقوط عسكري واجتماعي، إلى درجة أن الشعوب الإسلامية أصبحت تتآلف مع الشعوب الغربية لكنها لا تستسيغ بعضهما البعض، هذا غيض من فيض ولو أردنا أن نتلكم عن الخلافات السابقة فلن تكفينا عشرة مقالات متتالية، فضلاً عن ذلك ما دمنا بصدد فتح صفحة جديدة فالأفضل عدم التطرق للماضي المرير بل إنه يجب علينا أن نتطلّع لمستقبل إسلامي واعد.
إن الصدمة التي يعيشها البيت الأبيض بسبب الاتفاق السعودي الإيراني تثلج الصدور، بل إن تصريحات البلدين تجاوزت وخلال أيام قليلة مسألة إعادة السفراء، فنحن اليوم نسمع تصريحات سعودية وأخرى إيرانية عن التبادل التجاري والاستثماري وكأن البلدين على وفاق وانسجام منذ سنوات طويلة والعلاقة بينهما لم تنقطع قط، وهذا ما يجب أن نعززه وندفع به، وهو أن الخلاف بين المسلمين يجب ألا يتعدى مستوي «العتب» الذي سرعان ما يذوب لتعود المياه إلى مجاريها، بل إنني أتمنى أن أرى تطوراً في العلاقات بين البلدين، أتمني أن أرى تعاون في المجالات العسكرية والنووية وغيرها وأن لا تقف العلاقات عند حدود إعادة السفراء ومجالات التجارة والاستثمار، ربما لن تكون نتيجة هذه العلاقات واضحة لدى الجميع في الوقت الراهن، لكن سترونها جليّةً في القريب العاجل ولا بد أن نحافظ عليها بقدر استطاعتنا حتى نجني الثمار، وهذا ما سنتكلم عنه في مقالات لاحقة، أما الأن فلا أملك لكم إلّا هذه النصيحة «لا تنجرفوا خلف النعرات الطائفية التي بدأ الصهاينة وصبيانهم بنشرها، فهم في أسوأ حالاتهم».