المقالات

الامبراطورية العمانية والاستيطان الإفريقي الأول في الإسلام

لقد وثق التاريخ أنّ الإمبراطورية العُمانية امتلكت حدودًا جغرافية مكينة شملت القارة الآسيوية والأفريقية، وأريد بالاستيطان الأول في الإسلام هو أن العمانيين كانت لها محاولات استيطان أفريقية قبل الإسلام بل إن المحاولة الأولى كانت قبل الميلاد، وسبب هذا الاستيطان هو رغبة الخليفة عبد الملك بن مروان ضم عمان تحت إمرته مع تولية والي من ولاته، فكان رد ملوك عمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون أثبتوا لهم الملك على بلادهم وهم يرغبون بالاستمرار على ما تقدم، وغاية مرادهم هو إبقاء عمان مستقلة وفي منأى عن التيارات والتجاذبات السياسية.
علم الملك سليمان بن عباد بن عبد بن الجلندى بن المستكبر المعولي رفض الخليفة ذلك الأمر فما كان منه إلا أن زار الخليفة الأموي في دمشق وأقنعه بوجهة نظره فاقتنع الخليفة، ولكن رجل الحرب الحجاج بن يوسف رفض الفكرة فهي تخالف فرض السيطرة والهيمنة المطلقة بل وأغرى الخليفة أن يفتك بالمٓلك وأن يتفرد بالمُلك فأحس الملك بذلك ففر إلى مسقط رأسه فأرسل الحجاج خلفة جيشًا عظيمًا بحريًا وبريًا فتصدى العمانيون لهذا الأعتداء ولكنّ العدة والعتاد فرضت كلمتها وانتصر الجيش المعتدي وأستشهدت أرواح مؤمنة قتلت ظلمًا وعدوانًا.
فما كان من الملك سليمان ابن الجلندى إلا أن رد على الحملة الأموية شيئًا مما اقترفته يدها ففر إلى أفريقيا أرخبيل لامو تحديدًا (جمهورية كينيا حاليًا) ، وهي تحت سيطرة الحجاج حين ذاك فكون الملك دولته التي امتدت من لامو، إلى باتى، وملندي، وزنجبار، وممباسة، وصولًا إلى كلوه وهو ما أكده المؤرخ الفرنسي Chauncey Hugh Stigand أن الأصل في تأسيس هذه المدينة، يرجع إلى الأمويين، وفيها قرابة عشرة آلاف مقاتل من جند الحجاج، وذلك في كتابه «في أرض الزنج».
لم يكن خروج الملك سليمان فرارًا مطلقًا من غلبة الحجاج ورجاله وإلا فأبناء عمومته يعيشون في البر الفارسي وعلى الناحية الشرقية من بحر عمان وجغرافيًا هم بجواره وأمنع له، وهذا ما وثقه المؤرخ الإيراني إبراهيم محمد الكرخي الأصطخري فقال: «يُــعْرَفون بآل الجُلندى، وهم من أقدم ملوك الإسلام بفارس، وأمنعهم جانبا، آل الصّفار وآل عمارة…» ولكن الغاية التي أرادها ملك عمان هي ما تقدم ذكره.
بعد قرابة 30عامًا تمكن العمانيون من توحيد صفوفهم وإعلان قيام الإمامة الأولى، وانتخاب إمام من بني الجلندى هو الجلندى بن مسعود، مع الأسف الشديد سار بنو العباس سيرة بني أمية من عدم السماح لأهل عمان بوجود سلطة مستقلة في بلادهم، وقد أرسلوا جيشًا عظيمًا بقيادة خازم بن خزيمة ونجح في اعتداءه واستشهد الإمام الجلندى وفاضت أرواح مؤمنة قتلت بطشًا وظلمًا، مع ذلك أشتدت غارات العمانيين على بني العباس مما دفعهم لتعين واليين من بني الجلندى على عمان وهما: راشد بن النظر ومحمد بن زائدة، ذلك الأمر لم يرق للعمانيين فقد رفضوا وجود أي وصاية عليهم وبعد مناوشات أبية تمكنوا من إقامة الإمامة الثانية وإعلان استقلال الإمبراطورية مجددًا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى