المقالات

شهرٌ فضيل…وضيفٌ كريم

ها هي الأيام تقترب لاستقبال خير الشهور وأعظمها، ذلك الشهر الذي تتسابق فيه الأنفس للعبادة واغتنام الأوقات، للتقرب إلى الله ومراجعة النفس اللوامة التي كثير ما تُحد عن جادة الطريق، تحتاج به العودة ومراجعة الذات عن زلات الشيطان، المصفد في هذا الشهر الفضيل، فهي فرص وأجور عظيمة ومغانم كثيرة لا تدري النفس أن تدركها في القابل من السنوات أم لا، لذلك الاجتهاد وبذل الاستعداد بكل أوقات هذا الضيف الجليل مطلب للمسلم الفطن المؤمن الباحث عن كنوز الغفران والفوز بالجنان.
«شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه» صدق الله العظيم، أوامر مباشرة من الله عزوجل في سورة البقرة لصيام هذا الشهر، فهو ركن من أركان الإسلام الخمس وفرض لكل مسلم عاقل بالغ مكلف، فلا يمكن تفويت هذه الأوقات باللعب والسهر واللهو، شهر تتجلى به العظمة لنزول كتاب الله العظيم القرآن الكريم، الذي كان يتدارسه النبي صل الله عليه وسلم مع جبريل في كل ليلة، هذه الليالي والاوقات التي تضع المسلم في رونق التجديد وتبديل النفس إلى طاقة وحيوية لطاعة الرحمن، وعبادته على أكمل وجه والاستزادة وترتيب الاوراق لسائر السنة، فالجميع على خطى العبادة الواحدة، الصيام والقيام كالبنيان المرصود الذي يشد بعضه بعضاً، لتمكين الأنفس من العبادة والتقرب لله عزوجل دائماً وبكل ما أوتي المسلم من طاقة وحيوية.
يأتي شهر رمضان في كل سنة، كالمحطة التي يستزيد منها المسلم وقود حياته، وإعلاء هذه النفس اللوامة التي لا تشبع ولا تمل من ملذات الدنيا الكثيرة، وفتنها المبينة التي تقضي على أهداف المسلم الحقيقية، والتي تأتي بها هذه المواسم لترميم ما تم هدمه واعادة نفس المسلم الحقيقي والمطلوب دائماً.
شهر رمضان كالبستان المزهر، الذي يأتي كل سنة حاملاً معه كل ألوان الورود والهواء النقي، فقط لمن حرص واستثمر وجوده لتجديد هذه النفس المثقلة بالتفكير وهموم الحياة وآثارها، فتعيش النفس في شهر مع الله والتسليم له قولاً وفعلاً لتكن هناك ديمومة لطوال السنة للاستمرار على هذا النهج والتقرب والبرنامج اليومي الذي يعلي بالانسان للمجد والمنزلة العالية الرفيعة، التي يلقي بها الله عزوجل بأحسن صورة وبأعمال وأقوال تكن له صكاً لعبور جنان الرحمن والعتق من نيرانه في شهر العتق والغفران ودخول الجنان، فنسأل الله بمنه وكرمه أن يبلغنا رمضان وأن يتقبله منا إيماناً واحتساباً باذنه وتوفيقه تعالى، ومبارك عليكم الشهر.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى