عندما تقع للواحد منا مشكلة … أو تحل ّ به مصيبة … أو تقع له كارثة .. فليسأل نفسه بتجرّد وموضوعية : ما نسبة خطئي .. أو ما نسبة مسؤوليتي في حدوث المصيبة أو وقوع الكارثة .. قبل أن نُلقي المسؤولية كاملة على الغير .. أو القسمة والنصيب … والقضاء والقدر ..كما يفعل معظمنا نحن العرب .. إن لم يكن كلنا ..!
لا بدَّ من دور لك أو مسؤولية صغيرة أو كبيرة ..في حدوث خطئك أو مصيبتك أو الكارثة التي حلّت بك ..
لكنك مثلي ومثله .. لا نتحلّى بالجرأة والشجاعة .. لتعترف بالخطأ .. أو بالمسؤولية عن الكارثة .. .. ولو جزئيا .. أو بنسبة ما..
دائما أو لنقل غالبا ما نلقى باللائمة على الغير وإن لم نجد ؛ نلقيها على الظروف والأحوال السيئة ..
وهذا سبب ضياع الحقوق بيننا وشيوع الأخطاء وتكرارها .. بل والظلم في المجتمع .. والشعور بالغبن لدى المظلوم ..
كلّ منا يسارع بتبرئة نفسه .. ظالما أو مظلوما.. بل ويصوّر نفسه ضحية الغير .. والآخر … أوسوء الطالع .. بكلام إنشائي منقول مكرر ومستهلك .. لا يحتمل الصدق أو الكذب .. !
لا نريد الاعتراف بالخطأ .. الذي نقترفه .. أو بالكارثة أو المصيبة .. التي تقع لنا أو تحلّ فينا ..فننسب خطأنا .. وننسب كارثتنا أومصيبتنا لغيرنا كليا .. أو للقسمة والنصيب .. والحظ والبخت .. والعين والحسد .. وما إيها من أعذار أو مسببات .. لا وجود لها فعليا ..!
غرضنا : أن نبرّئ أنفسنا تماما ..
بدلا من أن نطلب القصاص من أنفسنا .. حماية لنا ولغيرنا .. بعد إدراك السبب أو الأسباب الشخصية الذاتية .. في حدوث الفواجع والنكسات والهزائم لنا …!
ولنذكر واقعة :
سأل قاض نزيه زميلا .. لي .. يعمل مدرّسا .. تسبّب في قتل فلبينيتين.. بريئتين .. دهسا وهو يسوق سيارته الخاصة … في أحد شوارع الكويت .. قبل سنوات طوال ..
سأله .. بعد أن قال له زميلي .. كما لقّمه محاميه أو كما تعوّد أن يدّعي في مجتمعه العربي .. : أنا بريء يا سيادة القاضي لم اتعمد دهسهما .. والقتل كان قتلا بالخطأ .. حادثا … قضاء وقدرا .. !
فسأله القاضي الرّزين بهدوء : ألم تشارك ولو بنسبة ما في حدوث هذا القتل ..الخطأ ؟!
فردّ زميلي : ربما شاركت بنسبة ما .. ولكن من دون قصد..!
فسأله القاضي : كم نسبة خطئك هنا .. نتيجة سرعتك .. أو عدم انتباهك .. !؟!
سؤال القاضي وجيه .. سيبقى في ذهني .. حتى أدرك خطأي في حدوث مشكلتي .. .. وأتدارك أسبابه ..!
وآمل أن يبقى في ذهنك أخي القارئ .. أيضا .. لتسأله لنفسك .. كلما حدثت لك مشكلة.. أو وقعت لك مصيبة ..!
لتستريح وتريح .. وتقلل من الكوارث .. والحوادث.. التي تتزايد في بلادنا..!