المقالات

هيلتون النيل وليس النيل هيلتون!

في السبعينيات من القرن الماض كما أذكر عندما أقامت شركة سلسلة فنادق هيلتون العالمية.. فندقها الفاخر المطلّ على نهر النيل الخالد في جمهورية مصر العربية اسمته فندق «النيل هيلتون» وبعد عدة أشهر اعترض الضالعون المصريّون باللغة العربية على هذه التسمية.. وطالبوا بتغييرها لتكون «هيلتون النيل»، ومعهم حق؛ لأن الإضافة في اللغة العربية تعني الملكية والتبعية ولا يجوز أن يملك هيلتون الأجنبي، النيلَ المصري ، أو يتبع النيلُ المصري.. هيلتونَ الأميركي.. فالنيل خالد. وهيلتون بائد.. زائل…
النيل هو الأصل .. وهيلتون هو الفرع ..
والفرع يتبع الأصل .. أو هكذا يجب .. وليس العكس .
النيل هو المَالك .. هو المتبوع.. وليس هو الفرع أو التابع.. لذا وجبت تسمية الفندق بـ «هيلتون النيل» على أساس أن هيلتون مضاف.. والنيل مضاف إليه.. يعني هيلتون يتبع النيل أو هيلتون تابع للنيل.. أو النيل يملك هيلتون ..
وهذا صحيح ؛ فلا يصح أن يتبع النيل العظيم الجاري المصري الخالد … هيلتون الأميركي الجامد الوافد ..
الشاهد : اللغة العربية ، مثلها معظم لغات العالم.. لها أسرارها التي لا يدركها إلّا الضالعون والمتبحّرون فيها … ولها روحها.. التي لا يدركها إلّا الذين يتعايشون معها.. ويعتزّون بها.. ويؤمنون بسحرها ..!
خذ مثالاً آخر :
في قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بوقف إطلاق النار بين إسرائيل والعرب في عام 1967 بعد هزيمتنا نحن العرب .. المنكرة في غضون ست ساعات .. نصّ القرار الذي صدر في ١١/٢٢ / ١٩٦٧ على انسحاب إسرائيل من «أراضٍ» Lands احتُلت عام 1967 ولم يقل من الأراضي « The » lands التي احتُلت عام 1967 ميلادية .
والفرق بين أراضٍ «Lands » والأراضي «The. Lands » كبير .. وخطير ، هنا ، وليس مجرد ألف ولام … و«أل» التعريف التي تعمّد المندوب البريطاني «الماكر» في مجلس الأمن الدولي آنذاك.. اللورد كارادون … حذفها من « الأراضي « كما اقترحها المندوب الفرنسي …جعلت إسرائيل تدّعي الآن بأنها نفّذت قرار مجلس الأمن الدولي «242» بانسحابها من شبه جزيرة سيناء المصرية… ومن قطاع غزة الفلسطيني.. وهي أراض محتلة عربية ؛ علماً بأن القرار ٢٤٢ ذاته لم يوسمها بأنها عربية أو يوصفها أو ينعتها بالعربية وهذا لغم آخر في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 زرعه المندوب الأميركي الخبيث في مجلس الأمن الدولي عام ١٩٦٧ ، غولدبرغ …. والمندوب الإسرائيلي المفوّة أبا إيبان … إن لم تخنّي ذاكرتي الهرمة … وهذا هو الخبث البريطاني الأميركي الإسرائيلي الاستعماري بعينه …
أرأيتم ماذا تفعل «ألـ» التعريف يا عرب ؟!
حرفان … فقط … صوّغا لإسرائيل استمرار احتلالها لكل الضفة الغربية الفلسطينية.. ولهضبة الجولان السورية كلها.. !
التاريخ يعيد نفسه ؛ قبل أيام وبوساطة مصرية قطرية .. أُعلن عن وقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الإسلامي في غزة وإسرائيل ، توقف بموجبه إسرائيل قتل المدنيين وهدم المنازل والأفراد..
المدنيون عكسهم هنا العسكريون .. والأفراد عكسهم القادة .. !
والبقية عندي عندكم ..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى