ومن المعروف أن العُرف المتبع منذ العام 2005، في عملية الانتخابات أن يكون رئيس البرلمان من العرب السُّنة وله نائب أول شيعي وآخر كردي، بينما رئيس الحكومة من الشيعة ورئيس البلاد من الأكراد، لكن ما الذي تغير اليوم حتى تحدق الفوضى والمشادات والرفض والشجب؟ ولماذا رفضت كل الأطراف السياسية العراقية الشيعية باستثناء التيار الصدري- مخرجات جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبيه وعدم الاعتراف بها، وإنها تحمل الجهات السياسية مسؤولية التصعيد داخل جلسة البرلمان الأولى وكل تداعياته، ووصفت ما حدث بأنه انزلاق الأمور إلى هذا التخندق الحاصل «بات ينذر بخطر شديد»، وبكل الأحوال هذه السيناريوهات معروفة للجميع، وليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، فإن لم يحدث داخل البرلمان العراقي، فقد حدث في أماكن كثيرة، في المدن التي كانت جنّة خضراء وتحولت أراضيها إلى أراضٍ قاحلة، من بلدٍ زراعي منتج، إلى بلد مستورد لكل شيء، بغياب البرامج الحقيقية كل ما سبق حتى ولو انتخب أياً كان، لأن التخندقات والاصطفافات الحاصلة، هي سبب وجع العراق وربما تكون سبباً في دماره.
إذ أنه رغم صعوبة التنبؤ بمستقبل الأحداث في العراق عام 2022، فالمتوقع أن يكون عاماً ساخناً مع ما تبين للجميع بعد أول جلسة برلمانية، ومع استقرار التشكيلة الجديدة يتبادر سؤال مهم، هل من الممكن أن يتغير شكل العراق الحالي؟ الاعتقاد الأقرب إلى المنطق أن الحكومة لن تكون قادرة على مواجهة التحديات وتبقى تدور في دوامة الفساد، والمصيبة إن عادت الوجوه نفسها إلى الواجهة في وقت على تعاقب كل الحكومات السابقة، لم يتغير شيء، وعود ووعود ووعود فلا تنفيذ على أرض الواقع، والمتوقع الأكثر هو نقل هذه الخلافات إلى الأرض، خاصة مع تقديم الولايات المتحدة التهنئة للرئيس الجديد، ما سيعتبره الفريق الآخر، بأنه بات محسوباً على واشنطن، بالتالي سيتم التعامل معه ضمن هذا الإطار، وهذا بحد ذاته سيخلف مشهداً أمنياً معقداً.
من هنا، السبب المباشر يعود للولاءات الخارجية، والتدخلات الخارجية خاصة في القرار السيادي العراقي، وسط تهميش لكل صوت يرتفع ويطالب بوقف هذه التدخلات، وإن لم يتم وقف هذه التدخلات، فلا يجب بناء آمال كبيرة على أي تغييرات إيجابية محتملة، بالتالي، السجالات والمعارك الكلامية والعنف في الشارع قد يكون العنوان الأبرز، فلا أحد يتقبل الهزيمة، في بلدٍ فيه رؤساء كثر، يوالون من يوالون، لكن طالما الوطن خارج تلك الولاءات يبقى العراق بلد سلام لم يعرف السلام يوماً ولن يعرفه إذا لم يتم قطع الأيادي التي تحاول تدميره.