المقالات

الثيوقراطية الحكم الإلهي المطلق

لطالما كان الدين المحرك الأساسي لأنظمة الحكم قديماً، وكذلك الكسيطر على القرارات وتنفيذها برضى أو رفض الشعوب، والحكم الديني كان سائداً بشكل كبير في العصور الوسطى، فالحاكم كان بمثابة الإله، وقد تلخصت هذه الأفكار تحت مسمّى الثيوقراطية فما هي أين نشأت وماذا تعني؟
الثيوقراطية هي نظام يستند إلى أفكار دينية مسيحية ويهودية، وتعني الحكم بموجب الحق الإلهي، وقد ظهر هذا النظام في العصور الوسطى في أوروبا على هيئة الدول الدينية التي تميزت بالتعصب الديني وكبت الحريات السياسية والاجتماعية، ونتج عن ذلك مجتمعات متخلفة مستبدة سميت بالعصور المظلمة، وتعتبر الحاكم هو الدولة، وأصبحت تُعرف باسم نظرية الحق الإلهي غير المباشرة، وتقوم هذه النظرية على فكرة اختيار الحاكم من البشر لا يستمد سلطته من الله عز وجل مباشرة، وإنما يتم اختياره من الشعب، لكن بإرشاد وتوجيه من الإرادة الإلهية. وهذا ما قرره كل من هتلر في ألمانيا، وفرانكو في إسبانيا، وموسوليني في إيطاليا إذ أشاروا إلى أن العناية الإلهية قد اختارتهم ليكونوا زعماء لشعوبهم.
والنظريات الثيوقراطية أو الغيبية والتي تسمى بالنظريات الدينية، أي النظريات التي تنسِب السلطة إلى الله. هذه النظريات الدينية يجمعها أنها من خلق الله، وأن السلطة في الدولة هي سلطة الله. وهي من أقدم النظريات في الفكر السياسي، وتقوم هذه النظريات على أساس أن الدولة نظام إلهي خلقها الله وهو مصدر السلطة فيها، وأن الحكام مصطفين من الله، وبذلك فإن إرادتهم تسمو على إرادَة المحكومين، الذين يجب أن يكونوا خاضعين تماماً لإرادة الحكام، والنظريات الدينية هي التي تُرجع أصل نشأة الدولة وتأسيس السلطة إلى الإرادة الإلهية والحاكم يدعى أنه يستمد سلطته من قوى غيبية عُليا تسمو على طبيعة البشر.
هذه الدولة القائمة على نظام الثيوقراطية أو الحكم الإلهي عبر التاريخ، كانت موجودة في العصور القديمة وفي العصر المسيحي وفي القرون الوسطى واختفت آثارها مع بداية القرن العشرين، وبمرور الوقت بدأ الاختلاف بين أنصار هذه النظريات حول طريقة اختيار الحاكم، وإن كانوا مُتفقين على أن السلطة لله تبارك وتعالى، وبإرجاع السلطة في الدولة إلى الإرادة الإلهية ولكنهم اختلفوا في تفسير ذلك.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى