قبل عام «1905» كانت فرنسا تطبّق اتفاقية «1801» التي كانت تنص على الاعتراف الرسمي بالديانات الكاثوليكية والإسرائيلية والبروتستانتية، لكنها فيما بعد أعطت الدولة تعويضات لكهنة الأديان تلك، لكن منذ العام «1905» لم تعد الدولة تدفع أية تعويضات، خلافاً للنظام الألماني الذي يقضي بتمويل الكنائس عن طريق الضريبة.
وتفترض العلمانية أن الدولة تعترف بحرية المعتقدات الدينية وحرية المظاهر الخارجية للعبادة، وإذا كانت تضع قيوداً بالنسبة للنظام، فهي في الواقع قليلة، وقد تشمل رقابة السلطات على الاجتماعات الدينية لمصلحة النظام العام، حيث تسمح المادة /27/ من القانون الفرنسي بأن ينظم قرع الأجراس والمواكب والمظاهر الخارجية الأخرى، لكن مع بداية القرن العشرين، صدرت عن مجلس الدولة الفرنسي اجتهادات كثيرة توضح بدقة شروط تدخل جهاز الشرطة مع التمسك بمقدار ما يمكن بحرية العبادة.
وضمن هذا الإطار، اعتبر قانون عام «1905» قانوناً للحياد وقد تجذر بعمق في الواقع الفرنسي، حيث يُلاحظ أن كاثوليك فرنسا يختلفون عن كاثوليك البلدان الأخرى بذهنيتهم العلمانية، لأن الدين بالنسبة لهم قضية خاصة، وهذا ما يفسر كيف أن الأحزاب والنقابات المسيحية على سبيل المثال، لم تدم في فرنسا.
ورغم ذلك، احتلت المسألة الدينية مكاناً هاماً في المناقشات السياسية بصدد حرية التعليم، حيث يلاحظ أن هناك سمات ملحوظة تعكس تقليداً طويلاً في فرنسا كأن تبقى الكاثوليكية سائدة رغم زوال عطف المؤمنين تجاه ممارسة الطقوس، وتتكامل الثقافة الفرنسية على نطاق واسع مع التقليد الكاثوليكي بما في ذلك المناقشات السياسية، كما ان التصويت الكاثوليكي في الانتخابات هو تصويت لليمين.
أما الأقليات الدينية الأخرى في فرنسا تشعر بحريتها بممارسة معتقداتها بموجب القوانين الوضعية لكنها هامشية بالنسبة للكاثوليك، أما اليهود، فيشغلون من بين الأقليات مكاناً خاصاً في فرنسا، ورغم قلة عددهم لكنهم بارزون على الساحة مستفيدين مما لديهم من شعارات معاداة السامية والنازية ودائمو المناداة بالحرية والمساواة والهوية الثقافية.
إلا أن ازدياد المهاجرين من المغرب العربي وآسيا وأفريقيا وانتماءهم للإسلام أو الديانات الأخرى أقاموا مراكزهم الدينية ما سمح بالتعددية الدينية في فرنسا حتى ولو لم يعجبها.